للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعجوز إذا خرجت إلى جمع الرجال، ووقفت في أخريات المسجد (١)، واقتدت، صح ذلك منها، وهل يستحب [ذلك أو يكره؟ أما الكراهية، فلسنا نكره، خلافاً لأبي حنيفة، فإنه كره] (٢) ذلك [إلا] (٣) في صلاة الفجر والعشاء، ونحن نعتمد ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كره للنساء الخروج للجماعة إلا أن تكون عجوزاً تخرج في مِنْقَليها" (٤).، والمنقل الخف الخلَق، أراد صلى الله عليه وسلم خروجها للعبادة مبتَذِلة (٥)، فإنها لو تشبهت بالشوابّ، فلا شك أنه يكره ذلك لها.

ثم إذا نفينا الكراهية، فالذي رأيته للأئمة أنا لا نرجح خروجَها على لزومها بيتها؛ فإنه يتعارض في حقها رعايةُ الستر وإقامةُ الجماعة مع الرجال، فيخرج من تعارض الأمرين نفي الكراهية في الحضور واستواء الأمرين.

ولو حضرت شابّة، ووقفت بجنب الإمام واقتدت، فقد أساءت من وجوه، ولكن تصح صلاتها، وصلاةُ الإمام، خلافاً لأبي حنيفة (٦)، وخبط مذهبه معروف في ذلك.

فصل

١١٩٦ - ذكر الشافعي أن الأعمى يجوز أن يكون إماماً للبصير، وهذا خارج على القياس الممهد، وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف للإمامة في بعض غزواته ابن أم مكتوم في المسجد (٧)، ثم مذهب الشافعي أنا لا نجعل البصير أولى من


(١) في (ت ٢): الناس.
(٢) زيادة من (ت ١)، و (ت ٢).
(٣) زيادة من المحقق، بناء على المعروف من مذهب أبي حنيفة (ر. مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٣١ مسألة ١٧١، والاختيار: ١/ ٥٩، وحاشية ابن عابدين: ١/ ٣٨٠).
(٤) حديث "أنه صلى الله عليه وسلم كره للنساء الخروج للجماعة ... " قال الحافظ: "لا أصل له" ... لكن رواه البيهقي موقوفاً عن ابن مسعود رضي الله عنه (ر. السنن الكبرى: ٣/ ١٣١، والتلخيص: ٢/ ٢٧ ح ٥٥٧).
(٥) اسم فاعل من ابتذل: لبس المِبْذَل. والمبذل: الثوب الخَلَق. (المعجم).
(٦) ر. رؤوس المسائل للزمخشري: ١٤٩ مسألة: ٥٦، مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٦٦ مسألة: ٢١٦، البدائع: ١/ ٤٣١، تحفة الفقهاء: ١/ ٣٦٠، الهداية: ١/ ٥٧.
(٧) حديث استخلاف ابن أم مكتوم. رواه أبو داود عن أنس، ورواه أحمد، ورواه ابن حبان في =