للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا مزيف لا أعده من المذهب، نعم قد ذكر الصيدلاني "أن علياً رضي الله عنه صلى بأصحابه صلاة المغرب ليلة الهرير، فصلى بالطائفة الأولى ركعة، وبالثانية ركعتين" (١)، ولكن الشافعي لم يَرَ اتباعَه لما ذكرناه.

ثم إذا صلى بالطائفة الأولى ركعتين فمتى ينتظر الطائفة الثانية؟ قال الشافعي: إن انتظرهم في التشهد الأول، فجائز، وإن انتظرهم في قيام الركعة الثالثة، فحسن، فجوّز الانتظارَ في التشهد، واستحب إيقاعَ الانتظار في القيام، والسبب فيه أنه لو انتظر، لم يخل إذا جاءت الطائفة الثانية إما أن يبقى جالساً حتى يجلسوا، ولو فعل ذلك، لكان كلّفهم بما لا يحسب لهم، وإن قام عند لحوقهم، لكان خارجاً عن محل انتظاره، والقياس اللائق بحال المنتظر أن يبقى في محل انتظاره، حتى يلحقه من ينتظره، وأيضاً؛ فإنه لو طال انتظاره في التشهد، وهو قريب محصور، لطال سكوته، والقراءة في قيام الركعة الثالثة ليست بِدْعاً (٢)، وقد قال الشافعي في قول


= وكتابه الحاوي، وذلك لما كان منه من غمز له في كتابه (الغياثي) ولذلك تتبعتُ هذه الأقوال التي يزيفها إمام الحرمين ويخطِّئها، تتبعتها في الحاوي، فلم أجد الماوردي قائلاً بها.
وأخيراً ألقى الله إلينا حكاية ابن كثير عن ابن خلّكان عن بعض فضلاء المذهب أن الإمام يقصد بذلك أبا القاسم الفوراني.
ونص عبارة ابن خلكان: "سمعتُ بعضَ فضلاء المذهب يقول: كان إمام الحرمين يحضر حلقة الفوراني، وهو شاب يومئذ، وكان أبو القاسم لا ينصفه، ولا يصغي إلى قوله لكونه شاباً، فبقي في نفسه منه شيء، فمتى قال في نهاية المطلب: وقال بعض المصنفين كذا، وغلط في ذلك، وشرع في الوقوع فيه، فمراده أبو القاسم الفوراني" (ر. وفيات الأعيان: ٣/ ١٣٢، والبداية والنهاية: ١٢/ ٩٨، وأيضاًً طبقات السبكي: ٥/ ١١٠).
(١) حديث صلاة علي رضي الله عنه ليلة الهرير، رواه البيهقي، على نحو ما أورده. إمام الحرمين: "بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين" وفي خلاصة البدر المنير أنه صلى بالطائفة الأولى ركعتين وبالثانية ركعة. رواه الشافعي.
وليلة الهرير معركة كانت بين علي والخوارج، وقيل هي ليلة صفين. (ر. السنن الكبرى: ٣/ ٢٥٢، خلاصة البدر المنير: ح ٧٩٦، وتلخيص الحبير: ٢/ ٧٨).
(٢) في (ط) و (ت ١): بدعاء (فقد ضبطت الدال بضمّة). وفي الأصل بدون ضبط ولا همز، فقدرناها هكذا. والله أعلم. وأكدت هذا (ل)، فقد وضعت علامة التنوين على العين هكذا (بدعاً).