للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وهذا غفلة عظيمة، وذهول عن أمرٍ لا يخفى على الشادي الفطن، وذلك أن بيع مال التجارة تجارة، فكيف يخطر لذي فهمٍ منعُ ما هو من قبيل التجارة في مال التجارة. ونحن وإن قلنا: إنه يتعيّن إخراج العرض، فسدُّ بابِ البيع لا وجه له، فالذي قدمتُه غلط، غيرُ معدود من المذهب.

فإن قيل: أرأيتم لو باع مال التجارة على اقتناء عوضه؟ فهذا قطع للتجارة. فهلاّ خرجتم هذا على تفصيل المنع؟ قلنا: إذا كانت المالية قائمة، فنجعل كأن البيع لم يجر، والدليل عليه أنه لو نوى القِنية، انقطعت التجارةُ بمجرد النية، ولا امتناع فيه.

نعم، لا ينقدح الخلاف إلا فيه إذا وجبت زكاة التجارة، فوهب مال التجارة، فهذا يخرج على التفصيل المقدم في زكاة الأعيان؛ فإن الهبة تقطع المالية، وهي متعلق زكاة التجارة، كما أن البيع يقطع الملك في متعلّق الزكاة، فهذا ما لا يجوز تخيّل غيره.

فصل

قال: "ولو اشترى عرضاً لغير تجارة ... الفصلُ إلى آخره" (١).

٢١١٧ - من كانت له عروض ورثها، أو اتهبها، فلو نوى التجارة فيها، لم ينعقد الحول عليها بمجرد النية. ولو اشترى عرضاً، ونوى الاقتناء، أو لم ينو شيئاً، لم ينعقد حول التجارة؛ فإن الشراء في نفسه ليس بتجارة؛ إذ المشتري قد يقتني ولا يتجر، ولو اشترى ونوى التجارة مع الشراء، فينعقد حول التجارة حينئذ، ولو نوى القِنية، أو اشترى [مطلقاً، ثم نوى التجارة، فلا حكم لهذه النية الطارئة، ولو اشترى] (٢) شيئاً بقصد التجارة، ثم نوى بعد انعقاد حول التجارة الاقتناءَ، انقطع الحول بمجرد النية للقنية، والسبب فيه أن الاقتناء معناه الحبس للانتفاع، فإذا أمسك ونوى القنية، فقد قرن النية بما هو على صورة الاقتناء في نفسه، فأما إذا نوى التجارة


(١) ر. المختصر: ١/ ٢٤٣.
(٢) زيادة من (ت ١)، (ت ٢).