للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكم القطع في الجميع، ولكن القول في ذلك يخرج على أن الثمار هل تقسَّم، فإن قلنا: لا تقسم، فلا بد من تبقية جميع الثمار، وإن قلنا: إنها تقبل القسمة لو كانت موضوعة على الأرض، فهل نجري القسمة فيها بالخرص؟ فعلى وجهين ذكرناهما فيما تقدم، فلو منعنا القسمة، وهو الأصح، فلو قيل لنا: سبب ثبوت الفسخ إذاً ماذا؟ وأي فائدة في تنفيذه، والثمار تبقى قهراً، وإن لم يرض تبقيتَها البائع؟ قلنا: أما الفائدة، فرجوع تسعة الأعشار إلى ملكه، حتى يزيد في ملكه زيادةً ظاهرة، فكأنا لما تعذر الوفاء بالشرط، لم نرض أن تزيد الثمار للمشتري بسبب التبقية.

ثم نقول: إن أخرج المشتري حقّ المساكين من موضع آخر، والتفريع على أن المساكين لا يستحقون شِركاً من الثمار فيرتدّ جميع الثمار إلى البائع، وإن أخذ الساعي العشرَ من عين الثمار، فلا شك أن البائع يرجع بمقدار الزكاة على المشتري؛ فإن الزكاة وجبت عليه دون البائع.

فهذا كله على قول منع القسمة، وتبقية الجميع، فإن جوّزنا القسمةَ خَرْصاً سلّطنا البائع على مراده في تسعة الأعشار، وبقَّينا حقَّ المساكين في العشر، ثم يأتي في حق المساكين الخرص والتسليط بسببه على التصرف، إن جعلنا الخرصَ تضميناً، كما قدّمناه في الثمار المملوكة، التي لا تتعلق تبقيتُها بمناقضة شرط.

٢١٦٦ - ومن لطيف القول في ذلك: أنا إذا حكمنا بالانفساخ، فهذا يقع من غير نظر إلى التراضي من المتعاقدين وإلى الاختلاف بينهما، وإن أثبتنا الفسخَ، (١ فلو رضي المتعاقدان، بقيت الثمار، ولو أبى البائع، أثبتنا الفسخ ١) ولو رضي البائع وأبى المشتري، فقولان مضى ذكرهما.

ْوإن جرينا على الصحيح وهو أن البائع إذا رضي، لم يكن للمشتري حق الفسخ، فلو رضي البائع، ثم بدا له أن يطالب بالقطع، فإن فرّعنا على أن المشتري يكلف القطعَ، ولا يثبت الفسخ، فإذا رضي بالتبقية، ثم رجع، فله أن يكلفه القطع،


(١) ما بين القوسين ساقط من (ت ١).