للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن قلنا: الملك يحصل بالقبول، فلا زكاة على الموصَى له؛ فإن الاستهلال مقدّم على حصول الملك.

ثم إن حكمنا على هذا القول بأن الملك قبل القبول للورثة، وقد جرى الاستهلالُ في ملكهم، ففي وجوب الزكاة عليهم وجهان: أحدهما - أنها تجب لمصادفة الوقت الملكَ.

والثاني - لا تجب؛ فإن الملك المحكوم به تقدير في حقوقهم، وقد ذكرنا في زكاة الثمار في مثل هذه الصورة، أن الأصح نفيُ الزكاة عنهم، وزكاة الفطر أحرى بالوجوب، لما مهدناه.

فإن حكمنا بأن الملك قبل القبول مستدام للميت، فالذي قطع به الأئمة أن الزكاة لا تجب؛ فإن الحكم بوجوبها ابتداءً إيجاب قُربة على الميت؛ وهذا بعيد. وفي بعض التصانيف وجهان: أحدهما - ما ذكرنا. والثاني - أن الزكاة تجب؛ فإن معتمدها الملكُ، والإرفاقُ على أصل الشافعي؛ ولذلك انقدح وجوب الزكاة على الصبي، والمجنون، وإن كان لا يثبت تكليفهما.

وهذا الخلاف يخرج عندي على مسألة تردد فيها الإمام، [والدي] (١) [وهي أن الزكاة] هل تجب في نصاب يعزى ملكه إلى حَمْل، فالذي ذهب إليه الأئمة [أن الزكاة لا تجب] فيه؛ فإن حياة الحَمْل غيرُ موثوق بها، وكذلك وجودُه، فإنا [وإن قضينا بأن] الحَمْل يعرف، فالحكم يتعلق به عند انفصاله، وهذا قبل الانفصال غير موثوق به.

وذكر شيخي وجهاً في وجوب الزكاة إذا انفصل؛ فيخرج على ذلك ما حكيناه الآن من إيجاب الزكاة على الميت، ولا فصل بأن يقال: الحمل إلى الوجود مصيره؛ فإن الاستصحاب في حق الميت مستند إلى وجوبٍ محقق سابق؛ فيعتدل الأمران في نظر الفطن.

فهذا تفريعُ الزكاة مع تصوير القبول من الموصَى له.


(١) ساقطة من (ط). وهذا تأكيد أنه إذا قال الإمام، فإنما يقصد والده.