للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموت، وهذا إلى فقهٍ (١)؛ فإن الحيّ هو المخاطب، والنيابة بعد موته في العبادة أبعدُ من النيابة في حياته، والخطابُ مستمر عليه.

ثم المعتبر في الاستنابةِ أحدُ شيئين: إما المالُ يبذله لمن يستأجره، وإما فرضُ بذل الطاعة من الغير، من غير مالٍ.

ونحن نذكر في كل قسمٍ ما يليق به:

٢٤٣٢ - فأما الاستئجار، فإذا ملك أجرةَ أجيرٍ يحج عنه، وفضل ذلك عن ديونه، وعما نخلّفه له، لزم بذلُه، ولا نظر إلى إياب الأجير، وإنما المعتمد أجرتُه. وهذا لا خفاء به.

ولو وجد أجرة أجيرٍ ماشٍ، ولم يجد أجرة أجيرٍ راكب، ففي وجوب استئجار الماشي وجهان: أحدهما - أنه يجب؛ فإن الفرق بين المشي والركوب إنما يتجه في حق الرجل نفسه؛ من جهة أنه لا يكلّف المشي، فأما الأجير إذا تَكَلَّفَه، والتزم تحصيلَ الحج، فاعتبار ضراره في حق مستأجِره بعيد. وهذا ظاهر المذهب.

والوجه الثاني - أنه لا يجب استئجاره، من جهة أن الماشي على غررٍ ظاهرٍ، وبذل المال في أجرته تغريرٌ بالمال، من غير ثقةٍ ظاهرة بتحصيل المقصود.

٢٤٣٣ - ويتصل بهذا الموضوع سرٌّ في المذهب، يتضح به حقيقةُ الفصل، فإن قيل: لو كانت الأجرة مملوكةً، ولكن لو بذلها، كان فقيراً بعد بذلها، لا يجد ما ينفقه، فكيف الوجه في ذلك؟ قلنا: إن جرينا على ما حكاه العراقيون عن ابن سُريج، في تخليف رأس (٢) المال في قسم استطاعة مباشرة الحج، فلا شك أنا نرعى أن تكون الأجرةُ المبذولة زائدةً على ما يخلِّفه من بلاغ.

وإن قلنا: لا يُشترط ذلك في حق المباشرة، فلا شك أن نفقة المباشرة ذاهباً وآيباً، وما يتركه على أهله بلاغٌ له في الحال، فإن فرض انقطاعٌ، فهو بعد حصول الحج، فكأنا نقول: لا مبالاة بمسكنته بعد حصول الحج، وهذا الذي نقدره من المسكنة


(١) كذا في النسخ الثلاث، والمعنى: وهذا يُشير إلى الفقه، أو وهذا هو الفقه.
(٢) ساقطة من (ط).