للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا نظرنا إلى علمهما نجده -في جملته- يرجع إلى كلام الإمام، أي إلى كتابه " نهاية المطلب ".

وبيان ذلك أن فقه إمام الحرمين في (نهاية المطلب) حازه تلميذه (الغزالي) في كتابه (البسيط)، ثم اختصره إلى (الوسيط) ثم اختصر الوسيط في مجلدٍ لطيف سماه (الوجيز) واشتغل الإمام الرافعي (بالوجيز)، فشرحه شرحين: مختصراً لم يسمّه، ومطوّلاً سماه (العزيز) واشتهر (بالشرح الكبير)، كما اختصر الوجيز في مختصرٍ سمّاه (المحرر) (١).

ثم جاء الإمام النووي فاختصر الشرح الكبير في كتابه (روضة الطالبين)، كما اختصر المحرر إلى (المنهاج).

وبعد الإمامين الرافعي والنووي بدأ طور الاستقرار في المذهب، وكان فقههما -ممثلاً في (روضة الطالبين) و (المنهاج) - هو المعتمد، وعليه المدار، فتتابع رجال المذهب على (الروضة) و (المنهاج) شرحاً، واختصاراً، ونظماً، وحواشي، ومضى الحال على ذلك قروناً، حتى استقر المذهب عند شيخي المتأخرين: ابن حجر الهيتمي (٩٧٤ هـ)، والرملي (١٠٠٤ هـ) الأول في (تحفته) والثاني في (نهايته)، وكلاهما شرح على (المنهاج) للنووي (٢) وصار الاعتماد عليهما، ولا يفتى إلا بقولهما.

ويصور هذا التسلسل الدكتور محمد إبراهيم أحمد علي بقوله: "وهذا الاعتماد على كتب ابن حجر (يعني الهيتمي) والرملي ينبغي ألاّ يصرف نظر الباحث عن الحقيقة العلمية وراء ذلك، وهي أن كتب ابن حجر والرملي إنما هي حلقة في سلسلة ذهبية من كتب أكابر العلماء الشافعية، تمتد عبر القرون، حتى تصل إلى مؤسس المذهب (الإمام الشافعي): فالتحفة والنهاية كلاهما شرح لمنهاج الطالبين. ومنهاج الطالبين مختصر النووي من المحرر. والمحرر مختصر الرافعي من الوجيز. والوجيز مختصر


(١) كذا في البجيرمي على شرح المنهج وغيره أن الرافعي اختصر المحرر من الوجيز، لكن ابن حجر في التحفة يقول: " وتسميته (أي المحرر) مختصراً لقلة لفظه، لا لكونه من كتابٍ بعينه " (الفوائد المكية: ٣٥، والتحفة مع حاشيتي الشرواني وابن قاسم: ١/ ٣٥).
(٢) الفوائد المكية: ٣٦، ٣٧ بتصرف كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>