للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موضوعاً على المكان الذي منه ابتداء السعي، فكان السيل يهدمه، ويحطمه، فرفعوه إلى أعلى ركن المسجد، ولم يجدوا على السَّنَن أقرب من ذلك الركن، فوقع متأخراً عن مبتدأ السعي سِتةَ أذرع. ثم يأخذ في السعي ويتمادى عليه، حتى يتوسط ميلين أخضرين أحدهما متصلٌ بفناء المسجد، عن يسار الساعي، والثاني متصل بخانٍ، تعرفه العامة بدار العباس، فإذا توسطهما، عاد إلى سجية المشي.

ثم الصحيح من رسول الله صلى الله عليه وسلم شدّةُ السعي " قالت حبيبةُ بنت أبي تجراه (١): " تطلعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع نسوةٍ من قريش، لأنظر كيف يسعى، [فرأيته يسعى] (٢)، وساقه تدور بإزاره، من شدة السعي، ويقول: أيها الناس: إن الله كتب عليهم السعي، فاسعَوْا " (٣).

وذكر بعض أئمتنا لفظ الخبب، وليس ذلك مما يعتد به.

ولكن لا ينبغي أن يبلغ السعي مبلغاً ينبهر به، فإذا كان كذلك، فمن ضرورته طرف من الاقتصاد.

والرقي في المروةِ محبوبٌ كالرقي في الصفا. وكانت الكعبة تبدو في عصر رسول الله عليه وسلم من تلك الجهة أيضاً، ثم أحدث الناس الأبنية، فحالت بين الكعبة وبين الراقين في المروة بالمقدار المشروع، وصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سعيه: " اللهم اغفر وارحم، واعف عما تعلم، وأنت الأعز الأكرم، اللهم آتنا في الدنيا حسنة. وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " (٤).


(١) حبيبة بنت أبي تجراه العبدرية، ثم الشيبية، قيل بفتح الأول، وقيل بالتصغير، وتجراه بفتح التاء المثناة من فوق، وفي مسند أحمد (تجزئة) بدل تجراه. وقيل في اسمها حبيّبة.
بالتصغير مع التشديد، روى حديثها هذا. الشافعي، وأحمد، والطحاوي (ر. الإصابة، والاستيعاب، وتجريد أسماء الصحابة).
(٢) ساقط من الأصل.
(٣) حديث: أيها الناس: إن الله كتب عليكم السعي. رواه أحمد في مسنده: ٦/ ٤٢١، ٤٢٢، ورواه ابن حجر في ترجمة حبيبة في الإصابة، وكذلك ابن عبد البر في الاستيعاب.
(٤) دعاء اللهم اغفر وارحم ... رواه الطبراني في الدعاء، وفي الأوسط بعضه من حديث ابن مسعود، ورواه البيهقي: ٥/ ٩٥، وانظر التلخيص: ٢/ ٤٧٩.