للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٦٩٩ - وإذا ثبت ما ذكرناه، فالكلام بعده في أن المبيت الواقع نسكاً لو تركه الناسك هل يلزمه أن يفديه أم لا؟ وفيه قولان للشافعي: أحدهما [أنه يلزم، كما يلزم الدم بترك الرمي، والمبيتُ شعار ظاهر معتبر في] (١) الشرع كالرمي، فإذا وجبت الفديةُ في ترك الرمي، فلتجب في ترك المبيت. والقول الثاني - لا يجب الدمُ؛ فإن المبيت رَيْثٌ، ولُبْث لانتظار شعار الرمي، فليس مقصوداً في نفسه. وهذا المعنى يجري أيضاً في المبيت بمزدلفة؛ فإن أوقاتَ المناسك المنتظرة يدخل بانتصاف الليل، فُشرع مبيتٌ إلى ذلك الوقت.

وإذا اختلف القول في أن المبيت هل يجبر بالدم، فيترتب عليه لا محالةَ اختلاف القول في أنه هل يجب في نفسه، وهل يجب على الناسك تحصيله، حتى يُقضَى بأن يعصي بتركه؟

٢٧٠٠ - فإذا أردنا أن نجمع محل الوفاق والخلاف في ذلك، قلنا: الفدية تجب بترك الرمي قولاً واحداً، لا خلاف في أصلها، وإنما التردد في التفصيل، وكذلك من ترك حق الميقات، فجاوزه غيرَ محرم، التزم الدم، ولا خلاف في الأصل وهو الدم المسمى دمَ الإساءة، فهذان ثابتان وفاقاً.

واختلف [القول] (٢) في ثلاثة مناسك (٣): [أحدها - الجمع بين الليل والنهار في الوقوف، والآخر - المبيتُ المحكومُ بكونه نسكاً، والثالث - طوافُ الوداع، فهذه المناسك الثلاثة، فيها قولان، في وجوب الجبران، والمذهب أن طواف القدوم لا يجب جبرانه، وفيه شيء بعيدٌ حكيناه، وذلك في حق من يتسع وقته، فأما من ينتهي إلى المُعَرَّف (٤)، فلا قدوم عليه.


(١) ساقط من الأصل.
(٢) مزيدة من (ط)، (ك).
(٣) بدأ من هنا خرمٌ في نسخة الأصل، نحو ورقة، أو يزيد قليلاً، وسننبه عليه عند انتهائه.
(٤) عرّف القوم إذا وقفوا بعرفات. والمعنى هنا: أن من يصل مع وقت التّعريف، أي يصل في زمان التعريف ومكانه، فلا قدوم عليه.