للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعصب مذهبي، وردٌ ومحاجة وخصومة، إلا أن منزلة إمام الحرمين لم تغب عن بال صاحب الرسالة، رضي الله عنه وعن إمامنا، وكل الأئمة الأبرار.

ومن أئمة المذهب المالكي نجد الإمام ابن العربي يسمي إمام الحرمين (رأس التحقيق)، ومن عجب أنه يقول هذا في ثنايا ردّه على الإمام واختلافه معه. (انظر المسألة كاملة في أحكام القرآن: ١/ ٣٧٤).

ثم نذكِّر بأن حديثنا هذا هو حديث عن (النهاية) ومنزلتها، فالإمام إنما بلغ هذه المنزلة، واستحق هذه المكانة، وتحلّى بهذه الألقاب لكونه صاحب (النهاية)، ونقرّب ذلك بقولنا: إذا كانوا يقولون: إن الأسلوب هو الرجل، فلم لا نقول نحن هنا: " إن الكتاب هو الرجل ".

...

ومن جانب آخر حفظت لنا (النهاية) نصوصاً أصيلة لأئمة كبار، لم تصل إلينا مؤلفاتهم للآن، وتعتبر في عداد المفقود الذي ضاع من تراث أمتتا، مثل مؤلفات ابن سُريج، وابن الحداد، وأبي علي السنجي، والقفال، وصاحب التقريب وغيرهم، احتفظت لنا (النهاية) بكثير من هذه النصوص، بل أهمها، أعني ما هو موضع المناقشة والاستشهاد، أو المخالفة والردّ من أقوال الأئمة الأعلام.

...

بقي أن نعرض لقضية اتصال كتب الغزالي (بنهاية المطلب) وابتناؤها عليها، ومع أن ذلك معروف يتردد بوضوح في كتب المذهب الشافعي، ولا يحتاج منا إلى إثبات، ولكن الذي يدعونا إلى ذلك، أن علماً من أعلام الفقه في عصرنا، وهو من الأثبات الذين يعتد برأيهم، ويستمع لقولهم، ناقش في ذلك ذات يوم قائلاً: " إنه رجع إلى (وسيط الغزالي)، فلم يشعر بأن الغزالي يعتمد على إمام الحرمين، أو ينقل عنه ".

ومن أجل ذلك نقول: إن مما يؤكد ذلك، ويشهد به أدلةٌ وشواهد، لا تقع تحت حصر وعدٍّ منها:

* إن ذلك شاع وذاع عن الغزالي حتى أُوخذ به، وعيب عليه، كما نقله طاش

<<  <  ج: ص:  >  >>