للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن لم يرض الشرعُ بإحباط حقِّه إذا تحقق تعذُّر الردِّ، فرجُوعه في هذا المقام إلى الأرش. ومعناه ما نصِفُه.

فليعلم الطالب أنا لا نلزم البائعَ نقصان قيمة المبيع في نفسه، حتى نقول نُقدِّر المبيعَ سليماً، فإذا [كانت] (١) قيمتُه ألفاً، ونقدّرهُ معيباً، فإذا قيمتُه تسعمائةٍ، ونوجب المائةَ الناقصةَ. بل نقولُ: نعتبر النقصانَ على النَسقِ الذي بَينَّاه، ونضبط نسْبتَه، ونعرف جزئيَّته، ثم نقول: يرد البائع مثلَ ذلك الجزء من الثمن إلى المشتري، فإن [كان] (٢) الناقص عُشر القيمة، فالمسترد عُشرُ الثمنِ. ثم قد يكونُ الثمن مثلَ القيمة، أو أقلَّ منها، أو أكثر.

ومما يجب التنبيهُ له أن العيبَ إذا كان من جهة نقصان العين كالخصاء، ثم فات الردُّ بفوات العين، أو الملكِ، فلا رجوعَ إلى الأرشِ أصلاً؛ إذْ لا نقصانَ في القيمة، حتى يُعتبرَ بنسبته استردادُ جزءٍ من الثمن. والأعراض لا تتقوم.

هذا قولُنا في زوال العين والملك.

ويلتحق بهذا القسمِ مصيرُ الجاريةِ المشتراةِ مستولدةً؛ فإن حُرمةَ الاستيلاد في الغرض الذي نحن فيه كالحريّةِ الناجزةِ.

٣١٤٦ - والقول بعد هذا في تقاسيم الموانع، مع بقاء المبيع مملوكاً.

فنقول: من الموانع زوالُ ملك المشتري عن رقبة (٣) المبيع بجهةٍ من الجهاتِ، فلا شك أن الردَّ غيرُ ممكنٍ، والمِلكُ زائلٌ، ولكن لو عاد المبيعُ إلى ملكِ المشتري بعدَ الزوالِ، فالتفصيل في ذلك أنه إن زال بجهةٍ لا تتعلق بجنسها عهدة الرد كالهبة، ثم عاد إليه بمثل تلك الجهة، أو بجهةٍ أخرى لا ردَّ فيها، فإذا جرى الزوال والعودُ والمشتري غيرُ مطلعٍ على العيب في الأحوال التي جرت، ثم اطلع على عيبٍ قديم بعد عود الملك إليه، كما صوَّرنا؛ فهل يثبت له الردُّ الآن على البائع؟ فعلى وجهين


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) مزيدة من المحقق رعايةً للسياق.
(٣) في (ص): بقية.