للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَرياً على قياس الخصومات؛ فإن من ادّعى شيئاً على إنسان، فأنكره، ثم انتهت الخصومةُ إلى ردَّ اليمين إلى المدّعي. فإنه لا يزيد على إثبات دعواه.

ولكن كان شيخُنا يقول: نجمع في يمين واحدة بين النفي والإثبات.

وأما أصحاب الطريقة الأخرى، فإنهم بنَوْا ما رتَّبوه على أن النفي والإثباتَ لا بدّ منهما، ولا يتتم الأمر دونهما، وزعموا أنا وإن قلنا بتردد اليمين، فلسنا نعدد الخصومةَ، ولكن نقول: التَنازعُ في قضيّةٍ واحدة مشتملةٍ على النفي والإثبات، فاليمين متعددةٌ، والخصومة [متّحدةٌ] (١)، وقالوا على حسب ذلك: إذا حلفا على النفي، ثم عرضنا يمين الإثبات على البادىء، فحلف، فعرضناها على الثاني، فنكل، فنكوله عن يمين الإثبات آخراً رجوعٌ منه عن اليمين على النفي أولاً؛ فإن الخصومة متَّحدة، فيقع القضاءُ للحالف على الإثبات، بعد بطلان يمين الثاني في النفي والإثبات.

ومساقُ كلامهم أن تعدد اليمين كاتحاد اليمين على القول الأول، فلو نكل أحدُهما عن الإثبات، وحلف على النفي، كان نكولُه عن معنى الإثبات نكولاً عن معنى النفي. كذلك القولُ في النفي والإثبات المدرجين في اليمينين.

وهذا الذي ذكرناه لهؤلاء تكلّفٌ؛ فإن اليمينين مشعرتان بمقصودين. فهؤلاء المفرعون على قول اليمينين طَمِعُوا أن يستصحبوا سرَّ قولِ اتّحادِ [اليمين] (٢)، فإن ذلك القولَ في اتحاد اليمين مأخوذ من اتحاد الخصومة. فإذا فرضنا غرضينِ ويمينين ونكولاً عن النفي، ويميناً ممحَّضَةً للإثبات، فلا يستدُّ عليه إلا طريقةُ شيخنا.

وقد نجز القولان وتفريعهما، واختلافُ الطرق في مأخذ الكلام.

٣٢٧٢ - فإن قيل: ذكرتم التفصيل فيه إذا تحالفا، وبينتم حلف أحدهما ونكولَ الثاني، فبيّنوا الحكم فيه إذا ارتفعا إلى مجلس القاضِي وتداعَيا على التناقض، وآل الأمرُ إلى اليمين، فنكلا جميعاً. كيف السبيل فيه؟ قلنا: لم يتعرض أئمة المذهب في


(١) في الأصل: متجددة.
(٢) في الأصل: اليمينين.