للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما - يثبت الخيار للتلبيس؛ اعتباراً بالتصرية، وما في معناها.

والوجه الثاني - لا خيار؛ فإن هذا الخداع غيرُ راجع إلى صفة المبيع. ولكنه متعلق بالعين. وليس في قَبيله خيارٌ. والنجش المنهي عنه معناه في اللغة الرفعُ، والناجش الرافع للسعر.

٣٣٦٨ - ثم ذكر الشافعي نَهْيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قال: " لا يبيعن أحدكم على بيع أخيه ولا يسومن على سوم أخيه " (١).

وصورة البيع على البيع أن يجري العقد ويكون المتعاقدان في مجلس العقد مغتبطين غيرَ نادمين، فيتقدم واحد إلى المشتري ويعرض عليه سلعة خيراً من السلعة التي اشتراها بمثل ثمن سلعته، أو سلعة مثل سلعته بأقلَّ من ثمنها، ويرغّبه في فسخ البيع الأول بهذا السبب. هذا هو البيع على البيع، وهو محرم باتفاق الأصحاب، غيرَ أن البيع يصح؛ فإن التحريم لا يرجع إلى معنى في البيع، وإنما يرجع إلى معنى كلِّي في محاذرة الإضرار بالغير. وكل نهي جرى هذا المجرى، كان في معنى النهي عن البيع في وقت النداء حين يُخشى فواتُ الجمعة.

وأما السوم على السوم، فصورته أن يساوم سلعةَ غيره، ويتفقا على قدر الثمن ويهُما بالعقد، ويرجع أحدهما لإحضار الثمن، فإذا جاء إنسان وساومه السلعةَ بأكثرَ من ذلك الثمن، أو عرض على المشتري سلعة بأقلَّ من ذلك الثمن، وتسبب إلى دفع ما كاد يتفق، فهذا منهي عنه محرّم، وهو المعنى بالسوم.

ولو كانت السلعة معروضة فيمن يزيد، فإذا طلبها طالب بثمن، فللغير أن يطلبَها بأكثر؛ [إذ] (٢) لم يتحقق توافقٌ على مقدارٍ. والسلعة إنما تعرض على من يزيد للتزايد. فكان الذي يجري ليس سوماً.

ثم قال أصحابنا لو خطب الرجل امرأة، فرُدَّ، فللغير أن يخطِبها، وإن أجيب،


(١) حديث " لا يبع بعضكم على بيع أخيه، متفق عليه من حديث ابن عمر وأبي هريرة. (اللؤلؤ والمرجان: ح ٩٦٩، ٩٧٠).
(٢) في الأصل، (هـ ٢): إذا.