للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا يبطل بإجارة (١) الحر. والمعنى فيه أن الممتنع تقدير الملك في عين الكلب. ومن يعتقد أن المعقود عليه في الإجارة العينُ لا يرى أن الملك ينتقل فيها.

ومن غصب كلباً يجوز اقتناؤه، استُرِد منه، ثم إن كان انتفع به، [فهل يلزمه أجرةُ المثل] (٢)؟ ذَكر الأصحاب وجهين في ذلك، وهذا ينطبق على الخلاف في إجارة الكلبِ.

والذي أراه تصحيحُ الإجارة. وإن لم نصححها، فالأوجه عندي إثبات أجرة المثل؛ فإنها منافع مقصودة تطلب بأموالٍ. فإن امتنعت الإجارة لتغليظٍ سببه المنع من التعامل على الكلاب، فلا وجه لتعطيلِ منفعته.

٣٤٢١ - ولو اصطاد الغاصب بالكلب المغصوب، ففي ذلك الصيد وجهان: أحدهما - أنه للغاصبِ الصائد، وهو الأَصح، كما لو غصب شبكة واصطاد بها.

والثاني - أنه لصاحب الكلب؛ فإنَّ الكلبَ له اختيارٌ، وهو كالعبدِ المغصوبِ يحتش أو يحتطب في يد الغاصبِ. وهذا ضعيف؛ فإنَّ التعويل في تحليلِ الصَّيد على اختيارِ المرسل، وإذا ظهر اختيارُ الكلب، حرم الصيد الذي يقتله.

ثم فرع الأئمة على الوجه الضعيف وقصدوا التنبيه على أصول.

فقالوا: إذا قلنا: الصّيد للمغصوب منه، فالغاصب يرد الصيد عليه، ويغرم له أجرةَ مثل الكلب على وجهٍ؛ فإن المنفعةَ وإن صرفها إلى تحصيل فائدة وهي للمغصوب منه، فالغاصب في المنفعة متصرفٌ بعُدوان. وضربوا لذلك مثالين: أحدهما - أن من غصب بذْراً وأرضاً، فزرع الأرض المغصوبة بالبذر المغصوب من صاحب الأرض، فالزرع للمالك؛ لأنه تولّد من عين ماله، وعلى الغاصب مثل ذلك البذر؛ فإن ما تعفن في الأرض كان في حكم الفاسد، وما نبت خلق جديد. ويجب عليه أيضاً أجر مثل الأرض؛ وإن صَرَف منفعتها إلى فائدة مالكها. والثاني - أن من غصب بيضة فأحضنها دجاجةً وخرج الفرخُ، فالفرخ للمالك. وعلى الغاصب قيمة البيضةِ؛ فإنها تفسد


(١) في (ت ٢)، (ص): إجارة.
(٢) ساقط من الأصل.