للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصفقة. وكل صورة جرى فيها تفريق الصفقة في الرهن، فهي مرتبة على نظير منها في البيع، والرهن أولى بالصحة؛ إذ ليس فيه عوض يصير مجهولاً، ويفسد العقد بسبب جهالته، والمعنى المعتمد في إفسادِ الصفقة إذا افترقت جهالةُ العوض، وهذا مفقود في أصل الرهن.

ثم إذا أفسدنا الرهن في الألف القديم، فلا كلام. وإن صححنا الرهن فيه، فقد قال الأئمة: الرهن يتوثق بالألف القديم، ولا يوزّع الرهن على الألفين المذكورين، وقد تقدم في تفريق الصفقة في البيع أن الأصح إذا بطل البيع في بعض مضمون العقد أن يسقط قسطُه من الثمن، وهذا المعنى غير معتبر في الرهن، والدليل عليه أن الرهن لو صح بالألفين، ثم أدّى أحدَهما، فلا ينفك من الرهن شيء أصلاً، وكان الرهن على حقيقته في الألف الباقي، حتى كأنه لم يرهن ذلك الرهن إلا به.

وإذا كان كذلك، فلا معنى للتقسيط في موضوع الرهن. وهذا بيّن لا خفاء به لمن تأمل.

ولو أقرضه ألفاً على الفساد، فتلف الألف في يده، فقد صار ديناً الآن عليه، فيصح الرهن بالألفين جميعاً، ولا إشكال.

٣٧٧٠ - ومما يتعلق بتحقيق الفصل أنه لو شرط الرهن في الألف القديم مع القرض (١ الجديد كما صورناه ١)، وحكمنا بفساد الشرط، وأفسدنا بسبب فساده القرضَ، فلو رهن بالألف القديم، فقد قال القاضي: إن كان يعتقد أن الرهن به واجب، وأنه وافٍ بواجب [التزمه بالشرط] (٢)، فالرهن مع هذا الاعتقاد لا يصح. واحتج عليه بأنه اعتقده واجباً، ولم يكن كما اعتقده. ولو لزم الرهن، لوقع واجباً، على معنى أنه لا دفع له بعد انبرامه بالتسليم. وشبه هذا بما لو أدى ألفاً إلى إنسان على ظن أنه دين عليه، ثم تبين أنه لم يكن عليه دين، فالمؤدى مسترد، والأداء غير معتد به (٣).


(١) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).
(٢) في (ت ٢): الذمة الشرط، وفي الأصل: التزمه الشرط.
(٣) ر. فتح العزيز: ١٠/ ٥٣.