للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥٧٦٤ - هذا إذا فرعنا على أن القبول غيرُ معتبر [في البطن الثاني. فإن اعتبرنا قبولهم] (١)، أو قلنا: يرتد الوقف بردهم، فهذا يتضمن انقطاع الوقف في جهة الآخِر، إذا لم يقبلوا أو ردوا.

وقد مهدنا أصل انقطاع الوقف في الآخر.

ونحن نقول هاهنا: إذا انتقض الوقف في حق البطن الثاني بردّهم، أو لم يثبت بعدم قبولهم، ففي المسألة خلاف بين الأصحاب في أن الوقف هل يبقى على الجملة؟ منهم من قال: لا يبقى، بل ينقطع، وهو ظاهر القياس، ومنهم من قال: إنه يبقى؛ فإن الوقف قد ثبت بقبول من في البطن الأول، وحق الوقف إذا ثبت ألا ينقطع.

فإن قلنا: إنه لا ينقطع، فقد اختلف أصحابنا في مصرفه: فمنهم من رأى ردَّ البطن الثاني، أو عدم قبولهم بمثابة الانقراض منهم، حتى ينقل استحقاق الوقف إلى البطن الثالث.

ومنهم من لم يجعل ذلك بمثابة انقراضهم، فإن جعلنا ذلك كالانقراض، نظرنا في البطن الثالث إذا كانوا موجودين، وفرعنا قبولهم وردهم، وإن لم نجعل ردّ من في البطن الثاني بمثابة الانقراض، فتعود الأقوال في أن الوقف يصرف إلى أية جهة؟ ففي قولٍ نصرفه إلى الأقربين، وفي قولٍ إلى المساكين، وفي قولٍ إلى المصالح العامة.

فإن صرفنا إلى المصالح، أو إلى المساكين، استقر الوقف في الجهة؛ إذ لا قبول في الوقف على الجهات، وإن صرفنا إلى الأقربين، فيعود التفريع في قبولهم وردّهم، فإن قبلوا، فذاك، وإن ردّوا، لم يخرج إلا قولان في الصرف إلى المساكين، أو المصلحة العامة.

وهذا كله تفريع على قولنا: إنا نمهّد للوقف المنقطع مصرفاً.

فإن قلنا: لا نمهد له مصرفاً، فلا يتبين والحالة هذه بطلان الوقف في حق الأولين، وقد قبلوا. هذا لا سبيل إليه. ولكن يتجه عند فرض الانقطاع انقلابُ الوقف ملكاً، ولا يخرج على ترتيب التفريع غيرُ هذا.


(١) عبارة الأصل: غير معتبر، فإن اعتبرنا قبول من في البطن الثاني.