للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: " ولا يحمل المصحفَ ولا يمسه إلا طاهراً ... إلى آخره " (١).

١١٩ - يحرم على المحدث مسُّ المصحف، ويستوي في التحريم الأسطر، والحواشي، والدفَّتان. ولو كان في غلاف هُيىّء له، أو صندوق مستصنعٍ له، ففي مس الصندوق المخصوص به، وفي الغلاف، وفيهما المصحف وجهان: َ أحدهما - المنع كالدفَّتين.

والثاني - التجويز؛ لأنهما ليسا من أجزاء المصحف.

ولا يحرم على المحدث قراءة القرآن عن ظهر القلب، والأولى أن يكون متطهراًً.

فإِن قيل: هل تطلقون لفظَ الكراهية على قراءة المحدث؟ قلنا: لا، وكيف ينساغ ذلك وقراءة المحدث عن ظهر القلب من أفضل القربات؟ ولكن الوجه أن يقال: القراءةُ في حال التطهر أوْلى، فلو كان يقرأ القرآن ناظر إِلى المصحف [وكان متطهرٌ] (٢) يقلّب له الأوراق، فلا بأس. وكان سعد بنُ أبي وقاص رضي الله عنه يقرأ ناظراً، وابنه يقلب له، فأدخل يده تحت ثيابه، فقال له: " قم فتوضأ؛ ما أراك إلا وقد مسست ذكرَك " (٣).

ولو كان المحدث يقلب الأوراقَ بقضيب، فيه وجهان: والأظهر المنع؛ فإِنه وإِن كان لا يمسّ، فهو إِذا قلّب ورقة، كان في حكم الحامل لها، وحرام على المحدث


(١) ر. المختصر: ١/ ١٠.
(٢) في الأصل: "ناظراً إلى المصحف متطهراً، يقلب له الأوراق" والمثبت من (ل) وسقطت من (م).
(٣) رواه البيهقي عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص أنه قال: "كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص، فاحتككت، فقال سعد: لعلك مسست ذكرك، فقلت نعم، فقال: قم فتوضأ، فقمت، فتوضأت" (السنن الكبرى: ١/ ٨٨) ولعل هذا هو الذي أشار إليه الحافظ في تعليقه على حديث بسرة في الوضوء من مس الذكر، بقوله: " وفي الباب عن جابر، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، ويزيد بن خالد، وسعد بن أبي وقاص و ... " (التلخيص: ١/ ١٢٣).