للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا هي احتلمت؟ فقالت أم سلمة: فضحتِ النساء، فَضَحَكِ الله، وهل تحتلم المرأة قط؟ فقال النبي عليه السلام: تربت يمينك فمِما الشبه؟ إذا سبق ماءُ الرجل ماءَ المرأة نَزَع الولد إلى أعمامه، وإذا سبق ماءُ المرأة ماءَ الرجل، نَزَع الولد إلى أخواله. ثم قال لأم سليم: نعم عليها الغسل إذا رأت الماءَ" (١).

١٧٨ - ومما يتعلق بنزول الماءِ أن من أنزل واغتسل. ثم كان قد بقي شيءٌ من المني

فخرج، لزم الغُسل مرّةً أخرى، وإن كان هذا بقيّةَ ماءٍ تدفق معظمه، وهذه البقية


= وهي امرأة أبي طلحة، ذكره علماء الحديث وغيرهم، منهم أبو داود في سننه، وهو كذلك في النسخ الصحيحة من (النهاية)، وقد يوجد في بعض منها مثلُ ما في (الوسيط) وهو غلطٌ من النساخ " (ر. إِيضاح الأغاليط الموجودة بالوسيط: ٣ أ - بهامش الوسيط: ١/ ٣٤٢).
قلت (عبد العظيم): هكذا رأينا اختلاف المناهج الثلاثة في تفسير هذا الخطأ:
أ- فابن الصلاح يفسّر ذلك بالإِعراض عن علم الحديث، ويجعله سبب الوقوع في هذا الخطأ، ثم راح يعرّض بأخطاء " أصعب من ذلك الخطأ، من التمسك بالحديث الضعيف، واطراح الصحيح " ويعني هؤلاء الأئمة " الذين ارتفعت منزلتهم في علومهم " الصيدلاني، وإمام الحرمين، والغزالي، ومحمد بن يحيى.
ويرى ابن الصلاح أن هذا ذنب وإِثم، ظهر ذلك من ختام تعليقه هذا بقوله: " وأسال الله عفوه وفضله، آمين ".
ب- وأما الإِمام النووي، فقد اكتفى بقوله: " وهو غلط فاحش " بعد أن بين تسلسله عند الأئمة الذين ذكرهم الغزالي، وزاد عليهم (الإِمام الروياني).
ج- وأما الإِمام ابن أبي الدم، فقد ذكر أنه (أي الخطأ) في بعض نسخ النهاية، بل في القليل من نسخها، كما يفهم من عبارته التي نقلناها بنصها آنفاًً ثم زاد، فبرَّأ إِمامنا من هذا الخطأ، وكذلك الغزالي، وجعل هذا من غلط النساخ [قلت: قد صدق الواقع ابن أبي الدم، فقد وقع لنا نسخة صحيحة فيها: " أم أنس "].
وأقول ثانيةً: لقد ظهر لي تحامل ابن الصلاح -وغيره- على إِمام الحرمين، وعلى الغزالي، رأيت ذلك في كثير من تعقباته الحديثية، حتى إِنه يدفعه التحامل إِلى الوقوع في بعض الأخطاء، التي تعقبه في بعضها الإمام النووي، وأثبت أن الصواب مع إِمام الحرمين، والغزالي، وأحصيت شيئاً من ذلك، سيكون -إن شاء الله- موضع مناقشة في أحد فصول المقدّمة التي نعدها لهذا الكتاب، والله المستعان.
(١) حديث أم سليم، متفق عليه، رواه البخاري: كتاب الغسل، باب إذا احتلمت المرأة، ح ٢٨٢، ورواه مسلم: كتاب الحيض: باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، ح ٣١٣، وانظر التلخيص: ١/ ١٣٥ ح ١٨١.