للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تردداً في انعقاد البياعات بالكنايات، والسبب فيه استدعاء البيع جواباً ناجزاً من المخاطب به، وذلك يستدعي إفهاماً وهو عَسِرٌ بالكناية، وسأجمع في ذلك قولاً جامعاً [في] (١) كتاب الخلع، إن شاء الله تعالى، والإيصاء لا يستدعي في الحال (٢) جواباً ولذلك قَبِل التعليقَ بالأغرار والأخطار.

فهذا بيان ما يقع إيصاء، ثم لا خلاف أن الوصية لا تستدعي جواباً من الموصى له في الحال، بل أجمع أئمتنا على أنه لو قبل، لم يكن لقبوله في حياة الموصي حكم، ولو أراد الردّ بعد موت الموصي، لكان على خِيَرته فيه، وكذلك لو ردّ الوصيةَ في حياة الموصي، لم يكن لرده حكم، وهو على خِيرَته في القبول بعد موت الموصي، ثم لا خلاف أن القبول لا بد منه، كما سنصفه، ولا يشترط مبادرة القبول من الموصى له كما (٣) بلغه موت الموصي، ولكن الخيار إليه في التأخير والتعجيل.

٧٤٥٦ - فإذا تبين ما ذكرناه، افتتحنا بعده غرضنا في أن الملك متى يحصل للموصى له في الموصى به؟ وقد اختلفت النصوص، وحاصل الأقوال في ذلك ثلاثةٌ: أحدها - أن الملك يحصل بموت الموصي من قَبْل القبول، ولكن لزومه منوط بالقبول، فإن قبل الموصى له، لزم الملك، واستقرّ إذا وفّى الثلث، وإن ردّ، انقطع الملك بعد ثبوته.

والقول الثاني -وهو أعدل الأقوال وأمثلها- أن الملك موقوف (٤) مراعى، فإن قبل الموصى له، تبيّنا أن الملك حصل بموت الموصي إسناداً إليه، وإن تأخر القبول عنه بمدة مديدة. وإن ردّ، تبينا أن الملك لم يحصل.


(١) في الأصل: من.
(٢) في (س): جواباً في الحال.
(٣) كما بلغه: كما بمعنى عندما، وهذا استعمال جرى كثيراً في لسان الإمام، وتبعه فيه تلميذه أبو حامد الغزالي، وقال النووي في التنقيح: " وليست بعربية ولا صحيحة " وقد أشرنا إلى هذا من قبل أكثر من مرّة.
(٤) وهو كما قال الإمام، فهو المعتمد في المذهب (ر. الروضة: ٦/ ١٤٣).