للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرياحُ التراب على أعضاء تيمّمه، جاز ذلك؛ فإن القصد قد تحقق، وليس في الكتاب (١) تعرضٌ للنقل، والقصد إليه، وهذا وإن أمكن توجيهه، فليس معدوداً من المذهب.

فصل

٢٠٠ - مقصود هذا الفصل، القول في كيفية النيّة في التيمم.

وأصل الفصل أن التيمم لا يرفع الحدث، ولكنه يبيح الصلاةَ، والدليل عليه أن من أحدث أو أجنب وتيمم، ثم وجد ماءً، فيلزمه التطهر بالماء، على حسب ما تقدم من حدثه، فإن كان حدثه ناقضاً للوضوءِ، توضأ، وإن كان جنابةً، اغتسل.

والسببُ في التيمم أن من وجد الماء، فهو مأمور باستعماله لرفع الحدث، فإن لم يجده، وظّف الشارع عليه التيمم، ليدوم مرونُه على إقامة الطهر؛ إذ قد يدوم انقطاعه عن الماء الذي يجب استعماله أياماً، فلو تمادى انكفافه عن الطهارة -وهي ثقيلة- لاستمرّت النفس على تركها، فالتيمم إذاً لاطراد الاعتياد في هذه الوظيفة، فإذا ثبت ذلك، فلا ينبغي للمتيمم أن ينوي بتيممه رفعَ الحدث، ولو نواه، لم يصح تيمّمه أصلاً.

وحُكي عن ابن سُريج أنه قال: التيمم يرفع الحدث في حق فريضة واحدةٍ، فلو نوى الرفعَ، صح على هذا التأويل.

وهذا ضعيفٌ معدُودٌ من الغلطات؛ فإن ارتفاع الحدث لا يتبعّض، فلينو المتيمّمُ استباحة الصلاة، لتوافق نيَّتُه موجبَ الشرع، فتصحّ، ثم الطرق متفقة على أنه لو نوى بالتيمم استباحةَ الفريضة والنوافل، صحَّ منه إقامتها جميعاً.

والمذهب المقطوع به في طرق المراوزة أن تعيين الفريضة لا يشترط في نيّة التيمم.


= كنية صاحب التقريب، فهي: أبو الحسن، ت نحو ٤٠٠ هـ. (تهذيب الأسماء: ٢/ ٢٧٨، طبقات الشافعية: ٣/ ٤٧٢، ووفيات الأعيان: ٤/ ٢٠٠، ٢٠١).
(١) الكتاب: المراد به (التقريب).