للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اشترطنا صدور التصرفات عن نظرهما، فلمَ نجوز اختصاص كل واحد منهما بحفظ مقدار من المال لا يشاركه فيه صاحبه؟

قلنا: معظم هذه الأحكام المتلقاة من الألفاظ راجعٌ إلى حكم العرف، فإذا فوض الرجل تصرفاً إلى اثنين، اقتضى ذلك أن يشتركا فيه. هذا [موجب] (١) اللفظ ومعناه، في فهم أهل العرف، وهو لائق أيضاً بالمقاصد، فرأى الشافعي رضي الله عنه أن نسبة تفويض التصرف بالوصاية إلى اثنين بمثابة توكيل رجلين ببيع أو غيره من التصرفات، فأما الاشتراك في الحفظ، فمّما يعسر تكليفه، ولا يُفهم من تفويض الوصاية إلى رجلين أن يتخذا مسكناً واحداً، ويشتركا في حفظه، فاقترن موجب العرف باللفظ، واحتكم عليه. وأما إصدار التصرفات عن نظرين، فمعتاد.

هذا ما يتوجه به النص، وما ذهب إليه جمهور الأصحاب.

٧٦١٥ - وذهب صاحب التقريب إلى طريقة [خالف] (٢) بها الأصحاب، وذلك أنه قال: إن فوض الوصاية إليهما على أن يستقل كل واحد منهما، فلا شك أنه لا يمتنع على هذا المقتضى استقلالُ كل واحد بحفظ مقدار من المال.

وإن كانت [إضافة] (٣) الوصاية إليهما تقتضي أن يشتركا في التصرفات ولا ينفرد بها واحد، فإن اقتسما المال بينهما على ما ذكرناه لينفرد كلُّ واحد منهما بحفظ مقدار، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن ذلك [لا يسوغ] (٤)؛ فإن الاشتراك فيه ممكن، وموجب التفويض الاشتراك، كما ذكرناه في التصرفات.

وهذا قياسٌ بيّنٌ.

والوجه الثاني - أن ذلك سائغ وتوجيهه ما ذكرناه.

ثم فرع على الوجهين، وقال: إن فرعنا على ظاهر النص (٥)، فإذا تنازعا، قسم


(١) في الأصل: موجبه.
(٢) في الأصل: خالد.
(٣) في الأصل: إجابة.
(٤) في الأصل: لا يشرع.
(٥) (س): ظاهر المذهب.