للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مما يتعين إنعام النظر فيه، فنقول: أما المقدار الذي يقيها الهلاك، فلا بد منه، وكذلك إذا كانت [تتعيّب] (١)، وإن كانت لا تهلك، فيجب أن يصونها عما يعيّبها؛ فإن التعيب في معنى التلف.

ولا نكلف المودع أن يستفرغ الوسع في تسمينها، والذي يضطرب الرأي فيه أنها إذا كانت على حالةٍ وحدٍّ من السمن عند الإيداع، فهل يشترط أن يعلفها علفاً يبقيها على حدِّها أم نقول: لو انحطت عن ذلك الحد قليلاً، لم يضر، إذا لم ينته النقصان إلى حدّ العيب؟ هذا فيه نظر واحتمال (٢)، ولعل الأوجه أنها إذا كانت على غايةٍ من السمن لا يشترط استبقاؤها على ما كانت عليه، وإن كانت على اقتصاد، فيتردد الرأي، والاحتمال متطرق إلى جميع أطراف المسألة.

٧٦٧٧ - ومما يتعلق بهذا أن المودع لو حبس الدابة، ولم يعلفها حتى هلكت، فإن لم تكن [جائعةً] (٣) لمّا (٤) ثبت يده عليها، ثم حبسها، فهلكت جوعاً، لزمه الضمان. ولو كانت عند الإيداع على حدٍّ من الجوع، فحبسها، وازداد الجوع وتمادى، فنفقت الدابة، وكان نفوقها بسبب الجوع السابق وما انضم إليه، فهذا يستدعي تقديم مسألة ستأتي مشروحة في الجراح، إن شاء الله تعالى، وهي أن الرجل إذا حبس إنساناً وأغلق عليه باباً حتى مات جوعاً، وكان على حدٍّ من الجوع لما حُبس، فانضم ما زاد إلى ما كان، ففي المسألة وجهان مشهوران: أحدهما - أنه لا يجب الضمان؛ فإن الحابس لو حبسه في مثل الزمان الذي جرى الحبس فيه ولم يكن جائعاً عند ابتداء الحبس [فهذا] (٥) القدر كان لا يهلكه، ولم يوجد منه إلا الحبس في هذا القدر، فلا يؤاخذ بتلفٍ ترتب على الجوع السابق. هذا وجه.

والوجه الثاني - أن الضمان يجب؛ فإن حبسه صادف موصوفاً بالجوع، فكان


(١) في النسختين: تعيبت. والمثبت تصرف من المحقق.
(٢) (س): واجتهاد، ولعل الأصح.
(٣) في الأصل: جائفة.
(٤) (س): فإن لم تك جائعة لم ثبتت يده عليها.
(٥) في الأصل: وهذا.