للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٧٨٢٤ - ولو ضمن عن رجل ديناً في معاملة من غير خوف فتنة؛ فإن كان المضمون عنه موسراً والرجوع عليه ممكناً، لم يعط من الصدقة؛ لأنه ليس بدين؛ فإنه يجد به مرجعاً.

وإن كان المضمون عنه معسراً، ولا يجد الضامن مالاً يقضي به الدين، [فله] (١) قضاؤه من الصدقة.

وإن كان موسراً بالنقد أو بغيره، فقد قيل: هو كتحمل الدية، وقيل: كتحمل بدل متلف لخوف الفتنة. ومنهم من قطع بأن ضمان دين المعاملات كالاقتراض لخاصة نفسه، فالذي يلتزمه الإنسان لخاصة نفسه قطع المراوزة باشتراط الفقر في قضائه من الصدقة، وقيل: يجوز أداؤه مع الغنى، وهو ضعيف.

قال: وفي هذا المقام نظر، فإن كان الغارم لا مال له، لم تتجه مطالبة غريمه له، والصدقة تصرف لسد خَلة، أو كفاية أذى مستَحِقِّ الدين (٢)، وإنما شرطنا الإعسار؛ لأنه لا يمتنع أن يكون للإنسان مستنض (٣)، فيصرفه إلى قضاء دينه، فيصير مفتقراً إلى الصدقة، فإن كان ينتهي بأدائه إلى المسكنة، فله أخذه من الصدقة، وهذا نوع غنى يكفي في دفع المفسدة، فإن زاد الغنى عن الكفاية، لم يقض دينه. ويجوز أن يقال: لا نهجم على قضاء دينه وهو ذو كفاف، فيرتدّ الفرض إلى مسكين عليه دين، فلا يؤدى من الصدقة إلا دين مسكين.

ويجوز أن يقال: إذا لم يملك ما يقضي به دينه فلا يتهنَّى بعيشه، وهو مكتسب قدر الكفاف، فينازع في قدره وينحو إلى المحاكمة، ولأنه إذا قضيت الديون من الصدقات استرسل الناس في إقراض المعسرين واثقين بالصدقات؛ فإنها أثبت من الأغنياء المعتدّين (٤).


(١) في الأصل: فلو.
(٢) في الأصل: "ومستحق للدين".
(٣) "مستنض". كذا قرأناها بعد لأْي. والمستنض: هو النقد الذي حصله صاحبه من تنضيض متاع أو عُروض (ر. اللسان).
(٤) المعنى أن الصدقات أثبت وجوداً، والثقة بأداء الدين منها أكبر من الأغنياء المعتدّين أي الموجودين، فقد يعطون، وقد يمنعون بخلاف الصدقة.