للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتخلفت المشركة الوثنية، وذلك قبل المسيس، فالحكم تشطر الصداق.

ولو ارتد الزوجان معاً قبل المسيس -على ما أوضحنا تصوير الوقوع معاً-، فلا شك في ارتفاع النكاح، واختلف أئمتنا في المهر: فمنهم من قال: يجب لها نصف المهر، وقد وجد سبب الفرقة من جهة الزوج، فيحال الحكم عليه ويضاف وقوع الفراق إلى ما وجد منه، وإن أتت المرأة بمثله، كما لو خالعها، فإنه يجب لها نصف المهر، وإن كانت المرأة قد شاركت زوجها فيما وقعت به الفرقة.

والوجه الثاني - لا يجب لها نصف المهر؛ لأن المرأة أحدثت ما يستقل باقتضاء الفرقة لو انفردت، فيسقط مهرها وإن [أتى] (١) الزوج بمثله، وليس كالاختلاع؛ فإن المرأة لا تستقل به والزوج في الحقيقة هو المطلق، ولم يوجد منها مشاركة في الطلاق، وإنما شاركت في قبول عوض الطلاق، [فظهر] (٢) الفرق.

والاختلاف في ارتدادهما يقرب من الاختلاف الذي حكيناه فيه إذا اشترى الزوج زوجته، فهل نقول يسقط المهر إذا جرى ذلك قبل المسيس، أو يجب نصف المهر للمَوْلى؟ فيه تردد؛ لأن البيع يتعلق على نسق واحد بالبائع والمشتري جميعاً، وليس كالخلع، وكأن [البيع] (٣) شبيه بارتداد الزوجين؛ من حيث إن أحدهما لا يختص بكونه مفارقاً بخلاف الخلع؛ فإن المطلق هو الزوج.

٨١٨٤ - ومما يتعلق بقاعدة المذهب، أن النكاح مهما (٤) ارتفع قبل المسيس أو بعده بردة أحد الزوجين، أو بردتهما جميعاً، فسبيل ارتفاعه عندنا الانفساخ لا غير، وأبو حنيفة (٥)


(١) في الأصل: إلى.
(٢) في الأصل: وظهر.
(٣) في الأصل: البائع.
(٤) "مهما": بمعنى (إذا).
(٥) عبّر إمام الحرمين فيما حكاه عن أبي حنيفة بلفظ (قد) التي توحي بالتقليل، ولم نصل إلى هذا عن أبي حنيفة، بل ما وجدناه في كتب الأحناف أن أبا حنيفة يجعل ارتفاع النكاح بالرّدة (من الزوج والزوجة) فسخاً، ولكن الذي فرّق فيه أبو حنيفة بين الزوج والزوجة في الحكم هو إباء الزوج الإسلام فقد جعله طلاقاً، أما إباء الزوجة فجعله فسخاً. وأما محمد فقد سوى بين الردة والإباء فجعلهما طلاقاً، وأبو يوسف جعلهما فسخاً، ولم يفرّقا في الحكم بين الزوج والزوجة =