للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٨٦٧١ - فإذا تبيَّن أصل الباب، فَسِرُّه وأهمُّ ما فيه: تصوير النشوز، ونحن نذكر فيه ما يشفي الغليل -إن شاء الله عز وجل-، ثم نذكر طرفاً من الكلام في ضربهن، ثم نذكر حكم النشوز.

٨٦٧٢ - فنقول أولاً: لسنا نشترط في النشوز أن تمتنع المرأةُ امتناعاًً لا يدخل في إمكان الزوج ردُّها إلى الطاعة قهراً، بل إذا نشزت وتمكن الزوج من ردها، فهي ناشزة، هذا طرف أطلقناه، ويعارضه أنها لو كانت تمتنع امتناعاً يمكن عده من فنون التدلل والمجاذبة لتكون أشهى، فليس هذا من النشوز، وليس من شرط طاعتها المبادرةُ التي تُخرج من [خَفَر] (١) الحياء إلى تشوُّف التوقان، فما المعتبر إذن في تصوير النشوز؟

فنقول: إن خرجت عن مسكنه، فهي ناشزة على تحقيق، وإن استمكن من ردها. وإن كانت معه، ولكن كانت تمتنع على الزوج امتناعاً يحوجه إلى تأديبها، فقد يتعرض الرجل بسبب امتناعها لضررٍ؛ بسبب تخلف قضاء النَّهْمة والشهوة، فهذا نشوز؛ فإنَّ النشوز ضدُّ الطاعة.

والطاعة معلومة في المنقادة على حسب العادة، وقد تختلف بالبكارة والثيابة، وعلو المنصب، والتوسط في الدرجة، وهذا على تصوير لزوم المرأة أُبهة الحياء، والامتناع هو الذي يلحق إضراراً بالرجل بسبب تأخر الحاجة، أو يحوجه إلى أن ينتصب مؤدِّباً، والنكاح للإيناس والاستئناس، والذي يحقق ذلك: أن الطاعة تمكينٌ منها، وهي تستفيد به تقرير حقها، فإذا احتاج الزوج في تحصيله إلى تضرر أو مقاساة [كُلفة] (٢)، فله أن يتركها حتى يضيع حقها.

٨٦٧٣ - والترتيب في ذلك أنها إذا خرجت من مسكن النكاح، فهي ناشزة كيف فرض الأمر، وإن لم تخرج وعُدّت مطيعةً، والزوج لا يحتاج في تحصيل الغرض منها إلى مقاساة كلفة، أو تعرض لضرر أو إقدام على ضرب؛ فهي مطيعة. وإن كان


(١) في الأصل: خفة.
(٢) في الأصل: كلفته.