للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم انقسم هؤلاء بعد الإجماع الذي حكيناه في محله، فاكتفى المعظم بذكر العدد المطلق. وشرط العراقيون ذكر الجنس، مثل أن يقول: "ألف درهم"، ثم قالوا: يتعين بالنية نوع من الجنس، وإن كانت الدراهم مضطربة في البلدة. والممكنُ في توجيه ما قالوه أن الشيء إذا ذُكر، فهو لفظ مصوغٌ للإبهام، وكذلك إذا أضيف إليه، أو فسر العدد به، فقيل عشرون شيئاً، فلا تؤثر النية في إزالة الجهالة واللفظ موضوع لإثباتها. وإذا قيل: ألفٌ، فبيانه إتمامٌ، فاعتقدوا أن النية تتمم، ثم خرّجوا هذا على تطريق الكنايات إلى النوايا بالطلاق، وقالوا: عماد الخلع الطلاق، فإذا كان لا يمتنع انعقاد الخلع بما هو كناية في الطلاق تعويلاً على النية، [فكذلك] (١) البدل إذا ثبت ثبوت الكناية، لم [يبعد إتمامُه] (٢) بالقصد والنية، ثم افتراق الأئمة في ذكر الجنس والسكوت عن النوع، وأن هذا أهل، (٣) يشترط أم لا؛ محمولٌ على ما نذكره. تخيّل (٤) العراقيون أن الألف بمثابة الشيء، فإذا وُصل بجنسٍ (٥)، كان النوع بعده إتماماً.

وهذا إن صحت الطريقةُ خَورٌ وجبنٌ. والسبيل أن العدد المطلق مفسر بالجنس والنوع، وهذا شديد الشبه بترددٍ حكيناه في أن بيع ما لم يره المشتري إذا صح، فهل يشترط فيه ذكر الجنس أم لا، وإن شرط معه ازديادٌ على الجنس؟ فيه تردد قدمناه في موضعه. وهذا تقريب شبَهي، والمأخذان مختلفان.

والمأخذ الحقيقي هاهنا تشبيه أحد ركني الخلع [بالعوض] (٦)، والثاني - يعني تشبيه لفظ العوض- بلفظ الطلاق، وقد تحققتُ أن الأصحاب لم يحتملوا هذا في


(١) في الأصل: وكذلك.
(٢) في الأصل: لم يتعدّ إتمامَه (بهذا النقط والضبط).
(٣) في الأصل: قيل. (وهو تصحيف خفيّ أرهقنا أياماً حتى ألهمنا الله صوابه).
(٤) قوله: "تخيل العراقيون ... إلخ" كلام مستأنفٌ، تفسير وبيان لقوله: "ما نذكره".
(٥) قوله: "فإذا وصل بجنسٍ ... إلخ" معناه أن الألف إذا وصل بجنس، مثل أن يقول: "ألف درهم" يكون النوع إتماماً مثل أن يقول: "ألف درهم هروية" فالدرهم جنس، والهروية نوع.
(٦) زيادة من المحقق، اقتضاها السياق.