للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٨٧٩٨ - ومما يتعلق بتمام الكلام أنه إذا قال: إن أعطيتني ألفاًً، فهذا يقتضي أن تأتيَ به على الفور في زمان قبول العقد، حتى لو فرض تخللُ زمانٍ ينقطع بمثله الإيجاب عن القبول، فإذا أتت بالألف بعد ذلك، لم يقع الطلاق.

وهذا مما مهدناه عند ذكر أصل الخلع وماهيته. وقد اتفق الأصحاب على هذا في طرقهم.

ورأيت في شرح التلخيص أن من أئمتنا من قال: قوله: إن أعطيتني ألفاً لا يقتضي الفور، كما أن قوله إن دخلت الدار لا يقتضي الفور، فإن التواصل إنما يليق بكلامين: أحدهما التماس جواب، والثاني جواب عنه.

وهذا وإن أمكن توجيهه، فهو بعيد في الحكاية، لا تعويل عليه، وسيأتي فصلٌ في أنه إذا قال: [إن] (١) أعطيتني ألفَ درهم، فهذا محمول على تسويغ التأخير.

فهذا بيان أصول الفصل، والتنبيهُ على موقع الإشكال فيه، والانفصال عما يمكن الانفصال فيه (٢).

٨٧٩٩ - ثم مما ذكره الشافعي في ذلك أنه إذا قال: إن أعطيتني ألف درهم، فلو أتته بألفي درهم، وقع الطلاق، ولا أثر للزيادة التي جاءت بها، وليس كما لو قال: أنت طالق على ألف، فقالت: قبلت ألفين، فلا يقع شيء، والفرق أن القبول جواب الإيجاب، فإذا خالفه في الصفة، خرج عن كونه جواباً. وإذا قال: إن أعطيتني ألف درهم، فالإعطاء ليس جواباً، وإنما هو فعل، وإذا جاءت بألفين، فمما جاءت به ألف درهم، ولا اعتبار بالزيادة.

ولو قال: إن ضمنتِ لي ألفَ درهم، فأنت طالق، فقالت: ضمنت ألفي درهم، وقع الطلاق، ولا يلزمها إلا الألف؛ فإن الضمان وإن كان قولاً منها، فليس أحدَ شِقَّي عقد، حتى يشترط وقوعه على وفق النسق الصادر من. الرجل. والدليل عليه أن


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في الأصل: "فيه" بمعنى (عنه).