للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله، وهو (١) بمثابة الإقرار في الاختيار والإجبار، وإذا أقرّ بالطلاق كاذباً، لم يُحكم بوقوع الطلاق باطناًً، ولكن لو ادّعى أنه كان كاذباً في إقراره، لم يُصدّق، وإذا أكره على إقراره، ثم زعم أنه كان كاذباً، صُدّق؛ لأن ظهور الإجبار يُغلِّب على الظن صدقَه في دعوى الكذب في الإقرار. هذا أحد الوجهين وبيان اختيار القفال.

والوجه الثاني - أن الطلاق لا يقع، وإن لم يُوَرِّ؛ لأنّه أنشأ اللفظ مجبراً عليه، فسقط حكمه، ولم يأت بنيةٍ تُشعر باختياره.

هذا ما ذكره الأصحاب. وفي المسألة مزيد تفصيل عندي، فإن فرضت في غرٍّ غبيّ لا يفهم التورية، فلا ينبغي أن يكون في انتفاء طلاقه تردّدٌ، وإن كان المجبَر فقيهاً عالماً لمسألة التورية، ولم يفته ذكر هذه المسألة حالة الإجبار، فالأظهر عندنا أن الطلاق يقع، [وللاحتمال مجالٌ] (٢) بيِّن إذا لم يقصد ولم يختر، وهذا محلّ الوجهين.

ولو كان الرجل عالماً ولكن أذهله الوعيد وبهَرَهُ السَّيفُ المسلول، فهو كالغِرّ الغبي الذي لا يذكر ولا يشعر.

٩١٠٢ - ومما نذكره في ذلك أن الأصحاب قالوا: لو أكرهه المكرِه على طلقةٍ، فقال: هي طالق ثلاثاًً، وقعت الثلاث؛ لأنه لمّا زاد على الطلقة المطلوبة منه، ظهر بذلك اختياره وقصدُه وإرادتُه الطلاق.

وقال الأصحاب: لو أكرهه على أن يطلقها ثلاثاًً، فطلقها واحدةً، وقع الطلاق.

وطردوا في ذلك أصلاً وقالوا: مهما (٣) خالف المكرَهُ المكرِهَ بزيادة على ما طلبه أو بنقصان منه، نحكم بوقوع الطلاق؛ لأنه إذا خالفه، فقد أتى بغير ما طلبه، فكان كالمبتدىء بلفظه، وموجب ذلك الحكمُ بالوقوع.

وقالوا: لو أكرهه على أن يطلّق زوجته عَمْرة، فضمها إلى ضرّتها، وطلقهما،


(١) وهو بمثابة الإقرار في الاختيار والإجبار: المعنى أن حكم لفظ المكرَه إذا ورَّى حكمُ الإقرار بالطلاق في حالتي الاختيار والإجبار.
(٢) في الأصل: والاحتمال مجاز.
(٣) مهما: بمعنى إذا.