للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التشريع هو الغالب على القرآن المدني، وكان التشريع في القرآن الكريم ينزل إما بدءاً، وإما حلاً لإشكال، أو إجابة لسؤال.

- وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يبلغ القرآن عن ربه، ويفصِّل مجملَه، ويُبين مشكلَه، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يسألونه عما نزل في القرآن؛ فيبين لهم، ويستفتونه؛ فيفتيهم.

- وكان عليه الصلاة والسلام ملجأ أصحابه: يُهرعون إليه كلما عرض لأحدهم أمر في أي شأن من شؤون الدين أو الدنيا، وكان عمادَ الحياة ومركزَها، تعرض الحادثة، أو يسأله أصحابه، فيجيب بما في القرآن إن وجده، أو بما يوحى إليه في الموقف والحادثة، أو يجتهد رأيه، أو يتوقف حتى تجيبه السماء.

- وقد اختلف العلماء حول اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم، فمنهم من قال: إنه مبلغ عن ربه {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣]، وليس له حق الاجتهاد، ومنهم من قال: له حق الاجتهاد في الأمور الدنيوية دون غيرها، وقيل: كان له أن يجتهد إذا خشي فوت الحادثة (١)، والجمهور على أن اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم جائز وواقع فعلاً " وموضوعه متنوع، ديني، أو دنيوي مغيب أو شاهد " (٢).

وأدلة الجمهور على ذلك كثيرة، مثل: حديث نسل الممسوخ (٣)، وحديث عذاب القبر، ورأيه في أسرى بدر (٤).

- ومما هو واضح أن اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم لا يتعلق بالنصوص وفهمها؛ "لأن المرادات من النصوص واضحة عنده صلى الله عليه وسلم فليس اجتهاده في معرفة المراد من المشترك ونحوه، ولا تعارض عنده، فليس الاجتهاد


(١) انظر: عبد العلي محمد نظام الدين الأنصاري. فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت: ٢/ ٣٦٦.
(٢) فضيلة الشيخ عبد الجليل عيسى. اجتهاد الرسول: ١٦٧.
(٣) اجتهاد الرسول: ٦٠، ٦١.
(٤) فواتح الرحموت (مصدر سابق): ٢/ ٣٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>