للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا خَرْمٌ عظيم لأحكام الأقارير، فإنه إذا نفاه، فقد اعترف بأنه لا يستحق تركته، فإذا عاد واستلحق، فهذا يناقض قولَه الأول، وكنتُ أود لو قلنا: إذا نفاه في الحياة ثم استلحقه بعد الموت يلحقُه، فإنه لما نفاه لم يكن ثمَّ استحقاقُ مال تقديراً، فإذا وجد النفي بعد الموت، فقد قطع استحقاق نفسه عن التركة حين ثبوت الاستحقاق للورثة، فإذا أراد العَوْد، لم يكن له ذلك (١).

وقد وجدت في كلام الأصحاب رمزاً إلى هذا، فأنا أنظم بعدُ هذا التنبيهَ، فأقول: إذا نفاه حياً واستلحقه حياً، أو نفاه حياً واستلحقه ميتاً، فالاستلحاق ثابت، فإذا نفاه ميتاً واستحلقه ميتاً، فالنسب يلحق، وهل يثبت الإرث؟ فعلى التردد والاختلاف: يجوز أن يقال: لا يثبت؛ لما أشرنا إليه من أنه قطع حقه عن التركة، فلا يعود حقَّه إليها.

ويجوز أن يقال: يثبت حقه؛ لأنه لم يتعرض للتركة أولاً وآخراً، وإنما تعرض لاستلحاق النسب، والنسب يلحق، ثم يترتب عليه حكمه.

والدليل عليه أن من مات وخلف ابنين، وزعم أحدهما أن هذا الغلام ابنُ أبينا وأنكر الثاني، فظاهر المذهب أن المقَرَّ به لا يستحق من الميراث شيئاً وإن تضمن إقرارُ المقِر إثباتَ استحقاقٍ له فيما في يده، ولكن لما كان ذلك الاستحقاق مترتباً على النسب، والنسب لم يثبت، فلم يثبت ما يترتب عليه فالتعويل إذاً على ثبوت النسب في النفي والإثبات.

فصل

قال: " ولو قال لامرأته: يا زانية فقالت: زنيت بك ... إلى آخره " (٢).

٩٧٠١ - إذا قال لامرأته: يا زانية، أو قال: زنيتِ، فقالت: زنيتُ بك،


= ثبت الإرث، وعلى هذا فلو قسمت تركته، أَتبعتُ القسمةَ بالنقض". وهذه عبارة النووي نفسها تقريباً. (ر. الشرح الكبير: ٩/ ٤١٤، والروضة: ٨/ ٣٥٩).
(١) هكذا يعرب إمام الحرمين عن اختياره الوجه المقابل للأصح، ويتمنى أن لو قال به الأصحاب.
(٢) ر. المختصر: ٤/ ١٧٥.