للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلها أن تمر على وجهها [آمّة] (١) إلى تحصيل الغرض.

فهذان أصلان اتفق الأصحاب عليهما. والفارق أن الخارجة للسفر متقلقلةٌ عن الوطن، ملابسةٌ أمراً له وقع في المعاش، ويعسر النزول عنه، [وفَلُّ] (٢) العزم فيه، فسوغ الشرع التمادي.

وأما التردد في البلدة الواحدة من دار إلى دارٍ، فهيِّنٌ وليس من الأشغال الخطيرة.

٩٨٦١ - فإذا تقرر في العقد (٣) ما نبهنا عليه، قلنا بعده: إذا لحقها الطلاق، أو بلغها خبر الموت بعد مفارقة البلدة، انطلقت لشأنها، فإذا انتهت إلى مقصدها، قضت حاجتها من التجارة أو غيرها من المآرب، ولا بأس عليها، وإن طال الزمان، ونقصت العدة، إتماماً لما همّت به وبنته على إذن الزوج.

ولو انتجزت حاجتها، لم تعرّج، ولم تقف، بل تنقلب إلى مسكن النكاح، إذا كانت تعلم أنها تدرك من بقية العدة زماناً تمكث فيه في مسكن النكاح، وإن علمت أنها بعد نجاز شغلها لو رجعت، لانقضت عليها العدة وهي في الطريق، فقد ظهر اختلاف أصحابنا في هذا: فمنهم من قال: يلزمها أن تقيم في بلدة الغربة، فإنها إذا علمت أنها لا تنتهي في بقية العدة إلى مسكن النكاح، فالسكونُ أوْفق وأليق وهو أستر لها من السفر.

ومن أصحابنا من قال: ترجع، فإن انقضت عدتها في الطريق، فلا حرج عليها.

وهذا لا أعرف له وجهاً، فإنها إذا قطعت بأنها لا تنتهي إلى مسكن النكاح، فقصْدُها المسكنَ قصدٌ لا مقصود له. نعم، إذا جوّزت أن تنتهي إلى المسكن لو وُفِقَت لها وفاق، وجَوَّزت على حكم [الاعتياد] (٤) خلافَ ذلك، فيجوز تقدير الخلاف


(١) في الأصل: تامة. والمثبت من المحقق. وهذا اللفظ (آمّة) -بمعنى قاصدة- استفدناه من عبارة أخرى لإمام الحرمين في مسائل عبد الحق الصقلي.
(٢) في الأصل: وقل (وفَلُّ أي حلُّه وصرفُه، وهو معطوفٌ على (النزول) أي يعسُر فكُّ العزم وصرفه والنزول عن الأمر الذي دخلت فيه).
(٣) أي إذا اعتقدت ووعيت ما نبهنا عليه.
(٤) في الأصل: الاعتبار.