للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يدي الصنم، [لو اقترن] (١) به قصد التقرب، فالتعويل على القصد، ولكن المقصود يحرم مع القصد (٢). وهذا على ظهوره لا يضر ذكره.

ثم رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإحداد ثلاثة أيام، فلعل السرّ في ذلك أن مخالفة الذمّي [في] (٣) إظهار [التحزّن] (٤) والرضا (٥) بالقضاء أولى بالمؤمن.

والإحدادُ في العدة ضربُ حَجْرٍ على المعتدات، حتى لا يشتغلن بالتزين للرجال.

وتسويغُ التفجع على القريب والحميم في الثلاث رخصةٌ من الله؛ فإن النفوس قد لا تطاوع، واغتلامُ الحزن ينكسر في الثلاث، وهي منطبقة على أزمان التعزية، وفيها باب [ذكرناه] (٦) في الجنائز، ثم هذا التحزن في هذه المدة لا يتخصص بالنسوة، ولا شك أنه رخصةٌ وتركه أولى، فإن الذي يقتضيه الدينُ استقبالُ القضاء بالرضا، والتلفّع بجلباب الصبر والاستسلام لأمر الله.

٩٨٧٧ - وقد حان أن نذكر الآن الإحداد ومعناه، قال الشافعي: " وإنما الإحداد في البدن ... إلى آخره " (٧).


(١) في الأصل: ولو اقترن.
(٢) يفهم من كلام الإمام هنا أن المحرَّم ممن يسجد للصنم ليس فعلَ السجود بهيئته وحركاته، وإنما قصد التقرب والتعظيم للصنم، وهذا في أصله رأيٌ لأبي هاشم الجبائي المعتزلي، يقوم على أن (السجود) نوعٌ واحد من الأفعال، ومحالٌ أن يكون (الواحد) واجباً وحراماً، وطاعة ومعصية، وإنما يكون حراماً أو واجباً بحسب ما يقترن به من القصد. هذا أصل مذهب أبي هاشم.
حكاه الإمام عنه في البرهان وردَّه بقوّة، قائلاً: " إنه خروج عن دين الأمة، ثم لا يمتنع أن يكون الفعل مأموراً به مع قصدٍ منهياً عنه مع آخر " ا. هـ. وإجماعُ أهل السنة منعقد على أن الساجد للصنم عاصٍ بنفس السجود والقصد جميعاً.
وفي المسألة مزيد تفصيل وكلام لا يحتمله المقام. راجع: (البرهان في أصول الفقه: فقرة: ٢١٣، والمستصفى: ١/ ٧٦، والإحكام للآمدي: ١/ ٨٧، والمسوّدة: ٨٤، وشرح الكوكب المنير: ١/ ٣٩٠).
(٣) زيادة اقتضاها السياق.
(٤) في الأصل: تحزن.
(٥) معطوفة على (مخالفة).
(٦) في الأصل: ذكرناها.
(٧) ر. المختصر: /٣٥.