للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن قال: هذا صدقة مالي أو زكاة مالي، ولم يقيّد بالتعجيل، ثم تبين الأمر، ولم تجب الزكاة، ففي ثبوت الرجوع خلاف مرتب، وهاهنا أولى بأن لا يثبت الرجوع.

ولو أطلق الإخراج، ولم يتعرض لذكر شيء، فالظاهر هاهنا أنه لا يرجع، وفيه خلاف.

فإذا تبينت هذه المراتب في هذا القسم، ابتدأنا بعده القسم الثاني، وهو مقصودنا، فإذا عجل النفقةَ، فلو تبين الحملُ، لترتب عليه أن النفقة أُخرجت في وقت وجوبها، فإن الوجوب يستند (١)، وإنما لا نوجب التعجيل على هذا القول الذي نفرع عليه، لأنا لسنا نتبين الحمل، ولا نرى الإخراج من غير ثبت.

١٠١٦٩ - فإذا تُصوِّر هذا القسم وتميز عن القسم المذكور قبله، فنذكر ما أرسله الأصحاب فيه، ثم نوضّح الأصل الذي عليه التعويل.

قال الأصحاب: إن عجل النفقة، وشرط الرجوع، ثم بان انتفاءُ الحمل، رجع.

وإن لم يشترط الرجوع، ثم بان انتفاء الحمل فهل يرجع؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يرجع؛ لأنه أخرجه على تقدير الوجوب، فإذا بان أن لا وجوب، ثبت له حق الرجوع، كما لو دفع مالاً إلى إنسان، وهو يعتقد أنه يستحق عليه دَيْناً، ثم بان أنه لا حقّ له، فالباذل يرجع.

والوجه الثاني - أنه لا يرجع؛ لأنه متبرع بالإخراج في الحال، فإن لم يثبت الوجوب، حمل ما أخرجه على التبرع، وما قدمناه من المراتب في الزكاة المعجلة لا حاجة إلى ذكرها هاهنا؛ فإنها تَعلم أن النفقة تأتيها من قِبل ظن الحمل، والعلم (٢) في هذا بمثابة الزكاة، والمسكين إذا جاءه مال عن ذي ثروة، فيجوز أن يكون متصدقاً عليه على سبيل التطوع، فالتفصيل الذي لا بد منه هاهنا ما ذكرناه من شرط الرجوع والسكوتِ عنه. هذا ما تمسّ الحاجة إليه في هذا القسم.


(١) يستند: أي يقع مستنداً إلى تحقق الحمل الذي لم يكن محققاً وقت إخراج النفقة.
(٢) أي علم الزوجة التي تتلقى النفقة يكون بمثابة المسكين الذي يتلقى الزكاة.