للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلى الله عليه وسلم على الكراهية، والحرام هو المحظور، والمحظور الممنوع، والمنع ينقسم إلى الكراهية وإلى التحريم المحقق، وكما ترد الكراهيةُ على إرادة التحريم، يرد التحريم على إرادة الكراهية.

هذا قولنا في حقه (١).

فأما إذا قدر على الكسب، فلم يكتسب، وعطل قريبَه، فهل له ذلك؟ [هذا مما يجب الاهتمام به] (٢)، فنقول أولاً: لا يجب على الإنسان أن يكتسب لأداء الديون المستقرة في ذمته، وهل يجب أن يكتسب لينفق على قريبه، فعلى وجهين: أحدهما - لا يجب ذلك، كما لا يجب لأداء الدّين.

والثاني - يجب؛ لأن النفقاتِ من الحاجات المتواصلة، والاكتساب على قدرها، ولعل السببَ في منع إيجاب الكسب للدين كونُه مستغرَقاً بالحاجات المتواصلة في غالب الأمر.

وفي وجوب الاكتساب للإنفاق على الزوجة وجهان مرتبان على الوجهين في نفقة القريب، ولأَنْ لا يجب الاكتساب لنفقة الزوجة أولى؛ لأنها مشابهة للديون، ومذهبنا الصحيح أنها تجد مخلصاً إذا أعسر الزوج بالنفقة وهذا لا يتحقق في القريب.

فإذا تحقق ما نعتبره في حق من يُنفق، فكل ما يباع في نفقة القريب فإذا ملكه القريب بنفسه، لم يستحق النفقةَ معه، وينتظم بحسب هذا أنا إذا أوجبنا الاكتساب بنفقة القريب لا نوجب النفقة للقريب الكسوب، وإنما يجري ما قدمناه من الخلاف فيه إذا كان من له النفقة غيرَ كسوب، ومن فيه الكلام كسوباً.

هذا منتهى الغرض من ذلك.

١٠١٩٥ - ومن الأحوال المنعطفة على ما تقدم أنا لا نوجب النفقةَ على البعيد مع القريب الموسر، وسيأتي فصلٌ في ترتيب من يستحق عليه النفقة، وهو غمرة هذه الأصول.


(١) أي هذا قولنا في اكتسابه لحق نفسه ونفقة نفسه.
(٢) في الأصل: هذا قولنا في حقه مما يجب الاهتمام به.