للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القصاص عند طريان الرق، وإن حصلت المساواة.

[ولا وجه] (١) إلا تخصيص الخلاف بالأنملة في الصورة التي [قصصناها عليك] (٢)، وما ذكره في الشلل لا يعتدّ به، ولا يعدّ من المذهب (٣).


(١) في الأصل: "فلا" ولا معنى للفاء هنا؛ فإنها ترتب وتسبب ما بعدها على ما قبلها، وهذا الترتيب عكس المعنى المقصود.
(٢) في الأصل: "قصصنا عليها" والمقصود الصورة التي يقطع الجاني فيها الأنملة الوسطى، ولا تكون الأنملة العليا منه مستحقة، بل تكون معصومة. هذه هي الصورة التي ردّد فيها حكمَ القصاص القفالُ فيما حكاه عنه الشيخ أبو محمد، أما إذا كان قطَعَ الأنملة العليا ثم قطع الوسطى ممن لا عليا له، فليس هذا موضع تردّد القفال، لأن العليا في حكم المقطوعة؛ من جهة أنها مستحقة.
وسرّ التردد في الأنملة وفي اليد الشلاء هو: هل يثبت وجوب القصاص وتحول الأنملة العليا لعدم إمكان التوصل إليه، وتحول سلامة اليد لعدم المماثلة أم لا يثبت الوجوب أصلاً؟ فإن قلنا بعدم الثبوت، فلا يعود الوجوب إذا زالت الأنملة وشلّت اليد السليمة.
(٣) هنا أمران:
الأول - في تمييز كلام القفال عن غيره: هل التعليل لما انتهى إليه من عدم قطع اليد التي كانت سليمة ثم شلَّت، هل التعليل بأن السلامة صفة لليد لايمكن تميزها عن الموصوف والتفريق بينها وبين الأنملة الوسطى بأن العليا ليست صفةً للوسطى، وكذا الاستشهاد بعدم قتل الحرّ الذمي الذي نقض العهد فأُرق بالعبد الذي قتله عندما كان معاهداً. أهذا من كلام الفقال يحكيه عنه تلميذه الشيخ أبو محمد، أم من كلام الشيخ أبي محمد انتصاراً لشيخه القفال؟ ولا يمكن أن يكون من كلام إمام الحرمين؛ لأنه على خِلاف الوجه الذي يقول به، فتعليق الإمام بدأ بقوله: "ولا وجه إلا تخصيص الخلاف بالأنملة في الصورة التي قصصناها عليك ... إلخ". ومما ينبغي أن يسجل أن الغزالي في البسيط نسب كلام القفال إلى الشيخ أبي محمد، ولم يجعله حاكيا له.
الثاني - قول الإمام عن القفال: "إن ما ذكره في الشلل لا يعتد به، ولا يعدّ من المذهب" معناه - كما هو واضح -أنه يقول بعكس ما انتهى إليه القفال- أي يقول بالوجه الآخر القائل بأن اليد السليمة إذا شلت تقطع بالشلاء التي قطعها الجاني قبل أن تشل يده.
وقد رأينا البغوي في التهذيب، يقول بما اختاره الإمام وإن لم ينسبه إليه، ولكن الرافعي في الشرح الكبير، والنووي في الروضة نقلا عن إمام الحرمين عكس هذا، حيث قالا بعد نقل كلام القفال: "وهو الذي رآه الإمام مذهبا". فكيف يتفقان على هذا؟ هل وقع في بعض نسخ النهاية اختلاف، ونُسب إلى الإمام وجهٌ غير هذا الوجه؟ وهذا -على بعده- ممكن!! وقد سجلنا شيئاًً منه في كتاب الطهارة، وإن لم يكن في اختلاف الوجوه، وإنما كان اختلافاً =