للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان شيخي يحكي أن الشافعي رضي الله عنه قال: يجب المهر وأرش البكارة، ثم كان يقول من عند نفسه: هذا بمثابة إيجابنا مهرَ مثل البكر، وكنا نقول: قد لا يكون كذلك، فإنه إذا [كان في بيتٍ وأهل نسب] (١) مهرٌ، فلا يختلف مبلغه بالبكارة والثيابة، فلو اقتصرنا على إيجاب مهر مثل البكر، فقد يؤدي ذلك إلى تعطيل العُذرة وجلدة البكارة. هذا ما كنا نتردد فيه.

فأما نقل النص مقيداً [بإيجاب] (٢) مهر مثل البكر، وإلزام أرش البكارة، فلم أسمعه إلا من نقلٍ [يؤثر عن] (٣) القاضي.

[فقد] (٤) تحصَّل من ذلك أن الجمع بين إلزام أرش البكارة وإيجاب مهر مثل البكر، حيث يختلف مهر مثل البكر والثيب، [لا] (٥) معنى له. وإن كان مهر البكر ومهر الثيب لا يختلف، هذا يشعر بأن البكارة لا قيمة لها في محل الكلام، فيقع التفصيل في جنايةٍ لا أثر لها، في تنقيص.

وسيأتي تفصيل القول في هذا الجنس، إن شاء الله عز وجل.

ولو أفضى امرأة بكراً بخشبة، غرم أرش البكارة وديةَ الإفضاء، ولا يدخل أرش البكارة فيها، لاختلاف المحل، ولو أزال الزوج بكارة زوجته بإصبع أو خشبة، فالذي ذهب إليه أكثرون أنه لا يغرم بسبب إزالة البكارة شيئاً، لأنها مستحقة له بطريق الوطء، فإن استوفاها بجهة أخرى، فقد أساء. ومن أصحابنا من قال: يلزمه أرش البكارة؛ فإنها في التحقيق غيرُ مستحَقة للزوج مقصودةً، فإنما الذي يستحقه الزوج


(١) في الأصل: "كافى بيت وأهل تسبب" هكذا تماماً والمثبت تصرف على ضوء السياق وكلمات الأصل. ومعنى العبارة: أنه عند النظر في المهر وقيمته في أي بيت نسيب لا يختلف المهر بالبكارة والثيابة، وإنما يختلف بالنَّسَب. وحمداً لله وجدنا الغزالي يصدق تقديرنا، ونص عبارته: "وربما تكون نسيبةً قد استقر مهرها على قدرٍ لا يزيد بالبكارة ولا ينقص، (ر. البسيط: ٥/ ٦٥ شمال).
(٢) في الأصل: وإيجاب".
(٣) في الأصل: "يؤثر به".
(٤) في الأصل: "فلم".
(٥) في الأصل: "ولا".