للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبين اللواط والزنا في الذكر في اشتراط العدد الأقصى، فنظم الأصحاب قولين، وقالوا: أصحهما - وجوب التعزير. والقول الثاني - أنه كاللواط. وقد تفصل القول فيه.

فإن قلنا: إنه كاللواط، ففي قتل البهيمة وجهان: أحدهما - أنه لا تقتل من جهة أنها لا تنسب إلى ارتكاب جريمة، ولا يفرض الزجر في جنسها، والثانى- أنها مقتولة، وقد روى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " اقتلوا الفاعل والمفعول به. فقيل للراوي: ما ذنب البهيمة؟ فقال: إنما تقتل حتى لا تذكر " (١). وذكر العراقيون وجهاً ثالثاً - أنها إن كانت مأكولة اللحم، ذبحت، وإن لم تكن مأكولة اللحم، لم يجز قتلها، وهذا التفصيل لا بأس به.

فإن قلنا: تقتل البهيمة، نُظر: فإن كانت محرمة اللحم، فهل يجب قيمتها؟

فعلى وجهين: أحدهما - لا يجب؛ لأنها مستحقةُ القتل شرعاً، وهذا ضعيف؛ فإنها ما أجرمت، وإبطال مالية مالكها منها بعيد عن قياس الأصول. فإن قلنا: يجب قيمتها لمالكها، ففيمن عليه القيمة وجهان: أحدهما - أنها على الذي أتى البهيمة؛ فإنه الساعي في إهلاكها. والثاني - أنها في بيت المال. وهذا يقرب من التردد المذكور في أجرة الجلاد.

وإن كانت البهيمة مأكولة اللحم، فهل يحرم أكلها إذا ذبحت؟ فعلى وجهين:


=وعجيب من حيث إن عبارة الشافعي التي (قرن) فيها بين إتيان البهيمة واللواط، سبقت هذه العبارة، وكتبها الناسخ بقلمه قبل صفحة واحدة. ولكن نذكر لهم جهدهم وعناءهم في حفظ هذه الأصول الأمهات، وهذه الذخائر بأقلامهم، جزاهم الله خيراً، وعفا عنا وعنهم.
(١) حديث قتل من أتى البهيمة وقتل البهيمة، وقول الراوي: " إنما تقتل حتى لا تذكر " رواه البيهقي من حديث ابن عباس رضي الله عنه. وفي رواية أخرى: قيل لابن عباس: " فما شأن البهيمة؛ قال: ما أراه قال ذلك إلا أنه كره أن يؤكل لحمها وقد عمل بها ذلك العمل " أخرجها أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد (البيهقي: ٨/ ٢٣٣ - ٢٣٤، أبو داود: الحدود، باب فيمن أتى بهيمة، ح ٤٤٦٤، الترمذي: الحدود، باب من أتى ذات محرم ومن أتى بهيمة، ح ٢٥٦٤، والنسائي في الكبرى، ح ٧٣٤٠، أحمد: ١/ ٢٩٦، التلخيص: ٤/ ١٠٣ ح ٢٠٣٣).