للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعتمد في اشتراط نفقة الإياب في الحج الميل إلى الوطن، وهذا ضعيف في أصله، فيتناهى وهاؤه في سفر الغزو.

١١٢٨٢ - ومما يشترط في هذه السفرة العُدّة والسلاح، فإنها عتاد القتال، وذكر الأصحاب فرقاً بين سفر الغزو وسفر الحج، والقول فيه إذا كان الغزو فرضَ كفاية، فقالوا: يشترط في وجوب سفر الحج أمن الطريق، ولا يشترط ذلك في سفر الغزو؛ فإن الغزاة على المخاوف مصيرهم، ومصادمتها مقصودهم. وهذا فصله المحققون من الأصحاب، فقالوا: إن كانت المخافة من طريان طلائع الكفار، فالأمر كذلك، وإن كان الخوف من المسلمين المتلصصين، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنا لا نشترط زوال هذا الخوف. والثاني - أنا نشترط ذلك، فإن من تطيب نفسه بملاقاة الكفار ربما لا يطيب نفساً بملاقاة المسلمين. والصحيح الذي [إليه ميلُ] (١) النص والأئمة أنا لا نشترط ذلك؛ فإنّ قصد المتلصصة من فروض الكفايات، ولعله أهم.

١١٢٨٣ - ومما تجب مراعاته الديون، فإن كان على الرجل دين حالّ، فلا بَراح ما لم يقض الدين، إلا أن يرضى صاحبُ الدين، ثم في ذلك نظر، فإن أبرأه مستحق الدين، فلا دين، ولا نظر، وإن لم يُسقط الدين، ولكن رضي، فله الخروج.

وهل يلتحق بأصحاب فرض الكفاية؟ فيه احتمال وتردّد، والأظهر أنه يلتحق بهم.

ولو كان الدين مؤجلاً عليه، فإن أراد المسافرة إلى غير الغزو، مثل أن يريد الحج أو غيره من المآرب التي لا تُبنى على مصادمة المَتالف والمَخاوف، فليس لصاحب الدين أن يمنعه، ولكن إن أراد الخروج معه ليطالبه إذا حلّ الدين، فليفعل على شرط ألا يُداوره مداورة الملازم؛ فإن ذلك غير جائزٍ في الديون المؤجلة، ولا فرق بين أن يقرب إليها الأجل أو يبعد، ولا يعتبر ما بقي من الأجل بالأمد الذي ينتجز في مثله السفر، وكل ذلك متفق عليه، ولا مطالبة ولا مؤاخذة قبل الأجل.

فأما سفر الغزو، فإنه مُخطِر، ولو فرض القتل، فيحلّ الدين، والترتيب في ذلك أنه إن خلَّف هاهنا وفاء بالدين، فلا منع، وإن لم يخلف وفاء بالدين، فهل لمستحق


(١) في الأصل: " أميل إليه النص والأئمة ".