للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب وقوع الرجل على الجارية قبل القسمة]

قال الشافعي: "إن وقع على جارية من المغنم قبل القسيمة ... إلى آخره" (١).

١١٣٩٨ - مضمون هذا الباب يستدعي تقديمَ القول في أملاك الغانمين في المغنم قبل اقتسامه، ونحن نذكر في ذلك ترتيباً ضابطاً، ثم نفُضُّ عليه مسائلَ الباب. وقد استاق صاحبُ التقريب فصلاً جامعاً على أبلغ وجه في البيان، فقال: إذا غنم الغانمون النساء، ولم يقسموها، فهل يثبت الملك قبل القسمة للغانمين؟ فعلى ثلاثة أوجه: أحدها - أنه لا يثبت لهم الملكُ حقيقةً قبل القَسْم، وإنما يثبت له (٢) حق التملك.

والدليل عليه أن من أعرض منهم، سقط حقه، كما سنصف ذلك، إن شاء الله تعالى، في أثناء الفصل، ولو ملكوا بالاستيلاء، لاستقر ملكهم، كما يستقر ملك المصطاد، والمحتش، والسارق من مال الكفار من غير مطاردة، وقال: فإن الأملاك إنما تنضبط بالجواز في العقود التي تلحقها الخيارات.

والوجه الثاني - أنه يثبت لهم ملكٌ ضعيف، كما يثبت الملك للمشتري في المبيع في زمان الخيار على القول الصحيح؛ فإن سبب الملك الاستيلاء؛ فاستحال أن يثبت السبب، ولا يثبت الملك، وأيضاً، فإن ملك الكفار زال، والأموال المغنومة أملاك محققة، ويبعد على مذهب الشافعي ملك لا مالك له.

والوجه الثالث - أن ملكهم موقوف، فإن سلمت الغنيمة حتى قسمت، تبين لنا أنهم ملكوها لمّا غنموها، وإن لم تتفق القسمة حتى تلفت الغنيمة، أو أعرض من يريد الإعراض، فيتبين لنا أن الغنيمة لم تُملك إن تلفت، وتبين أنه لم يملكها من أعرض


(١) ر. المختصر: ٥/ ١٩٠.
(٢) الضمير يعود على الغانم.