للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٢٠٠٨ - ثم قال: " ينبغي للإمام أن يجعل مع رزق القاضي شيئاً لقراطيسه "، والمراد بذلك أن تهيأ للحُجج التي يخلدها في ديوان القضاء قراطيسُ، فإن لم يفعل، فالقاضي لا يخرجها، ولكن يقول للخصم: إن أردت أن يتأكد حقك، فائْت بقرطاس أُثبت ما ثبت عندي لك عليه، وأتذكر إذا رجعتُ إليه، فإن لم تُرد، فلا عليك.

١٢٠٠٩ - ثم أعاد الشافعي فصلاً من القضاء على الغائب. وقد مضى مفصلاً على أحسن مساق، والذي نجدده ههنا أنا ذكرنا أن من توارى وامتنع، نفذ القضاء عليه نفوذَه على الغائب، وقد ذكر القاضي هذا وارتضاه. وذكر معه وجهاً آخر أن القضاء لا ينفذ عليه ما لم يحضر مجلس الحكم، ثم قال: وهذا الاختلاف يضاهي اختلافَ الأصحاب في أن الممتنع عن أداء الثمن مع القدرة، هل يكون كالمفلس المحجور عليه حتى يرجعَ البائع في عين المبيع إن وجده، ويفسخَ العقد؟ فيه وجهان. ولذلك نظائر.

ولو كان الخصم مريضاً، فالوجه أن يستخلِف من يحضُره (١) ويقضي عليه.

١٢٠١٠ - فأما المخدّرة، فنتكلم في وصفها، ثم في حكمها، فأما وصفها: قال (٢) قائلون من الأصحاب: هي التي لا تعتاد التبذل بالخروج للحوائج، وإن كانت تخرج إلى العزايا والزيارات، فهذا لا ينتهى إلى التبذل، ولا يناقض التخدير.

قال القاضي: الذي عندي أن المخدَّرة هي التي لا تخرج لحوائجها، ولا تخرج للزيارة والعزايا على اعتيادٍ، فلو خرجت على تردُّدٍ، لم يبطل تخديرها.

والمخدَّرة عندنا هي التي لا تخرج إلا لضرورة، هذا وصفها. فأما حكمها؛ فقال قائلون: يحضُرها المستخلَف أو القاضي بنفسه، ولا يكلفُها حضورَ مجلس القضاء. فإن التبرج إذا لم يكن من عادتها يُلحق بها ضرراً عظيماً يزيد على ما يَلحق المريض لو تكلف الحضور.


(١) أي يستخلف القاضىِ نائباً عه يذهب إلى المريض حيث هو، فيسمع منه، ويسأله على حسب ترتيب الدعوى، فيكون حضور نائب القاضي ومستخلَفه عنده كحضوره هو إلى القاضي.
(٢) جواب أما بدون الفاء.