للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في مثل ما ذكره، فليس للقاضي أن يتجسس ويبحث، ولكن عليه أن يصغي إلى الدعوى.

ولو أقرت امرأة في مجلس القاضي، فقال المقَرّ له: هذه فلانة بنت فلان، وغرضي الإشهادُ على نسبها؛ فإن إقامة الشهادة على العين لا [تعتبر] (١) إذا غابت أو ماتت، فإن أقرت المرأة بالنسب فإقرارها يفسد ترتيبَ المقصود؛ فإن البينة إنما تُسمع مع الجحود، أو مع عدم الإقرار، فلو أنكرت النسب، فقد يظهر أن يقال: للمقَر له

أن يثبت نسبها بالبينة، حتى تتأد الحجةُ والإشهاد.

وفيه إشكال؛ فإن القاضي يقول: أقرت هذه التي ادعيتَ عليها، فطالِبْها إن كان الحق ناجزاً حالاً، فلو قال: أبغي تأكيد الحجة في المآل، فالقاضي يقول: ليس لك ذلك بعد ثبوت حقّك عِياناً، وإنما ترتبط الدعوى بالنسب إذا كان ثبوته يوجب طلَبَه، فالأمر كما ذكرناه، فقد يقال: لا حكم لإقرارها إن أثبتنا هذا المسلك؛ فإن نسبها لا يثبت بإقرارها، بل هي مدعية فيما جاءت به، فلو صح إجابة المدعي لغرض التسجيل وتأكيد الحجة، فقد يَسقُط أثر إقرارها.

١٢٠٥٤ - وكل ما ذكرته جريان على ترتيبين في ذكر طرق الطلب، وإلا فالذي يجب القطع به أن المقَرَّ له لا يُثبت نسبها بالطريقة التي رددناها، ولكن يلتمس من القاضي أن يسجل على حليتها وصورتها. هذا أقصى الإمكان، ثم الحلية المجردة تنفع عند إعادة الشهادة مع لَبسٍ عظيم ذكرناه في حلية العبد؛ فإن الحلية إذا تجردت عن النسب كانت كحلية العبد الغائب، وقد تقدم القول فيها، فلا طريق إلا ما ذكره القاضي.


=مسائله) وخلاف الأصحاب فيما يقصده الشافعي بهذا اللفظ، ولم نجد هذا اللفظ (وكلاء المجلس) مفسراً عند الغزالي في البسيط، أو الرافعي في الشرح الكبير، أو النووي في الروضة، ولا في أدب القضاء عند ابن أبي الدم، ولا في غير هذه من المصادر التي بين أيدينا. اللهمّ إلا في كتاب روضة القضاة للسمناني، فقد قال: " ينبغي للقاضي أن يتخذ من الوكلاء الشيوخ والكهول " ثم ذكر صفاتهم التي ينبغي أن يتحلَّوا بها، ولكنه لم يبين مهامَّهم، وأعمالهم، والفرق بينهم وبين المستخلفين -إن كانوا- وبين أصحاب مسائله. (ر. روضة القضاة وطريق النجاة: ١٢٢).
(١) غير مقروءة بالأصل.