للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرهيبة لنجاة الإنسانية وضمان سعادتها مدى قرون " (١). ويقول السير إدوار كريزي: " إن النصر العظيم الذي ناله كارل مارتل على العرب سنة ٧٣٢ وضع حدا حاسما لفتوح العرب في غرب أوربا، وأنقذ النصرانية من الإسلام، وحفظ بقايا الحضارة القديمة، وبذور الحضارة الحديثة، ورد التفوق القديم للأمم الهندية الأوربية على الأمم السامية " (٢). ويقول فون شليجل في كلامه عن الإسلام والإمبراطورية العربية: " ما كاد العرب يتمون فتح إسبانيا حتى تطلعوا إلى فتح غاليا وبرجونية. ولكن النصر الساحق الذي غنمه بطل الفرنج كارل مارتل بين تور وبواتييه وضع لتقدمهم حداً، وسقط قائدهم عبد الرحمن في الميدان مع زهرة جنده. وبذا أنقذ كارل مارتل بسيفه أمم الغرب النصرانية من قبضة الإسلام الفتاكة، الهدامة إلى الذروة " (٣)، ويقول رانكه: " إن فاتحة القرن الثامن من أهم عصور التاريخ، ففيها كان دين محمد ينذر بامتلاك إيطاليا وغاليا، وقد وثبت الوثنية كرة أخرى إلى ما وراء الرّين فنهض إزاء ذلك الخطر فتى من عشيرة جرمانية هو كارل مارتل، وأيد هيبة النظم النصرانية المشرفة على الفناء، بكل ما تقتضيه غريزة البقاء من عزم، ودفعها إلى بلاد جديدة " (٤). ويقول زيلر: " كان هذا الانتصار بالأخص انتصار الفرنج والنصرانية. وقد عاون هذا النصر زعيم الفرنج على توطيد سلطانه، لا في غاليا وحدها ولكن في جرمانيا التي أشركها في نصره " (٥). على أن هناك فريقاً من مؤرخي الغرب لا يذهب إلى هذا الحد في تقدير نتائج الموقعة وآثارها. ومن هذا الفريق المؤرخان الكبيران سسموندي وميشليه، فهما لايعلقان كبير أهمية على ظفر كارل مارتل. ويقول جورج فنلي: " إن أثرة الكتاب الغاليين قد عظمت من شأن تغلب كارل مارتل على حملة ناهبة من عرب اسبانيا، وصورته كانتصار باهر، ونسبت خلاص أوربا من نير العرب إلى شجاعة الفرنج، في حين أن حجاباً ألقى على عبقرية ليون الثالث (إمبراطور قسطنطينية) وعزمه، مع أنه نشأ جنديا يبحث وراء طالعه، ولم يكد يجلس على


(١) History of the Roman Commonwealth
(٢) Decisive Battles of the World
(٣) Philosophie der Geschichte
(٤) History of the Reformation
(٥) Histoire de l'Allemagne.
.

<<  <  ج: ص:  >  >>