للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلُمرية، ومن ثم فإن الرواية الإسلامية تعرف أميرها " بصاحب قُلُمرية ".

وكانت يومئذ تضم عدة من القواعد الإسلامية القديمة من قواعد ولاية الغرب.

فسار الأمير سير في قواته صوب بطليوس، ثم زحف على يابُرة وافتتحها على الفور، ثم قصد إلى أشبونة فاستولى عليها هي وضاحيتها شنترة، وسار بعد ذلك شمالا، واستولى على مدينة شنترين، الواقعة على نهر التاجُه، ويستفاد من الرسالة التي وجهها سير بفتح هذه المدينة إلى أمير المسلمين، وهو من إنشاء كاتبه الوزير أبى محمد عبد المجيد بن عبدون، أن المرابطين هاجموها أولا فاستعصت عليهم، فضربوا حولها الحصار حتى سلمت، وكان قد قتل من حاميتها عدد كبير، فسلم الباقون، وأسروا سائر من بها. وقد كانت شنترين، حسبما ورد في هذه الرسالة من أعظم قلاع الغرب وأكثرها موارد لوقوعها في بسيط وافر الخصب (١)، ووصل سير في زحفه نحو الشمال إلى مقربة من مدينة قلمرية عاصمة الإمارة. ولم تستطع القوات البرتغالية بقيادة الكونت هنري، دفعاً للقوات المرابطية الغازية. وكان افتتاح المرابطين لهذه القواعد الغربية في سنة ٥٠٤ هـ (١١١١ م) وتقول الرواية الإسلامية إن الأمير سير، افتتح في هذه الغزوة أيضاً مدينة بطليوس وبرتقال (٢). ولكن بطليوس كانت في أيدي المرابطين منذ انتزعوها من بني الأفطس في سنة ٤٨٨ هـ (١٠٩٤ م). وأما برتقال، وهي تعني في الجغرافية الأندلسية ثغر بورتو، فهي تقع في أقصى شمالي البرتغال، وفي شمال قُلُمرية، ومن ثم فإن المرابطين لم يصلوا في زحفهم إليها ولم يفتتحوها.

ومما هو جدير بالذكر أنه على أثر هذه الغزوة، وفد على مدينة إشبيلية المنصور بن عمر المتوكل بن الأفطس قادماً من أراضي قشتالة، وكان قد سار إليها في أمواله وذخائره، والتجأ إلى ملك قشتالة ألفونسو السادس، حينما غزا المرابطون مملكة بطليوس سنة ٤٨٨ هـ، وقتلوا أباه عمر المتوكل وأخويه. وقيل إنه اعتنق النصرانية يومئذ. ولما وصل إلى إشبيلية، أخذ إلى حضرة أمير المسلمين بمراكش فكانت له لديه منزلة ملحوظة.

ولم يمض قليل على ذلك حتى سارت حملة مرابطية جديدة صوب قشتالة،


(١) راجع الرسالة المذكورة في المعجب للمراكشي ص ٩٠ - ٩٣.
(٢) روض القرطاس ص ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>