للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أتباعه وجوب الاعتقاد في الإمام المعصوم، والإمام المعلوم، وذلك وفقاً لرأي الشيعة. فهم يعتبرون، حسبما يصوغ لنا رأيهم الشهرستاني " بأن الإمامة ليست قضية مصلحية، تناط باختيار العامة، وينتصب الإمام بنصبهم، بل هي قضية أصولية، وهي ركن من أركان الدين، لا يجوز للرسول إغفاله وإهماله، ولا تفويضه إلى العامة وإرساله. ويجمعهم أي الشيعة القول بوجوب التعيين والتنصيص، وثبوت عصمة الأئمة وجوباً عن الكبائر والصغائر " (١). وكذلك يلاحظ جولدسيهر بهذه المناسبة أن ابن تومرت بموقفه من الاجتهاد، يعارض الإمام الغزالي، الذي يعلق أهمية كبيرة على مبادىء الاجتهاد. ومن جهة أخرى، فإن الغزالي يعارض نظرية الإمام المعصوم في غير كتاب من كتبه. وقد أشار إلى ذلك في إحدى رسائله، وهي " المنقذ من الضلال ". وفيها يحيل إلى ما سبق أن كتبه في ذلك من مختلف الفصول، ثم يحمل على فكرة " المعصوم " ويسخر منها في عبارة موجزة (٢).

ثم إن الخلاف بين ابن تومرت والغزالي لا يقف عند هذا الحد. والواقع أنه ليس من الحقيقة في شىء، أن يقال إن ابن تومرت قد تأثر بتعاليم الغزالي سواء من تتلمذه المزعوم عليه بالمشرق، أو بدراسة كتبه ونظرياته. وإليك ما يقوله لنا العلامة جولدسيهر في ذلك: " إن المستخلص من قراءة كتب الغزالي أن ابن تومرت لم يسترشد سواء في تعاليمه أو أعماله بتعاليم الغزالي، بل هناك ما هو أكثر، وهو أن التعصب الذي أبداه ابن تومرت نحو مسائل العقيدة، يدل على أنه لم يتأثر بنفوذ الغزالي الشخصي. ذلك أن طريقة " الأستاذ " الرفيقة الموفقة، وميوله المشبعة بالتوقير للإيمان التقليدي، هي أبعد مما نجده في تصرفات الثوري " المصمودي ". ولو أن الغزالي عاش مدة أطول ليتتبع حياة ابن تومرت، وطُلب إليه أن يصدر في شأنه فتوى، لأصدر فتواه بنقض عمل تلميذه المزعوم، وأنه لا يوجد أجدر بلوم الغزالي، من ذلك التقديم المغصوب " للتأويل " بين الطبقات الدنيا لشعب يتسم بالبداوة " (٣).


(١) كتاب الملل والنحل للشهرستاني المنشور على هامش الفصل والنحل لابن حزم " القاهرة " ج ١ ص ١٩٥.
(٢) المنقذ من الضلال (طبعة القاهرة سنة ١٣٠٩ ص ١٩). وراجع مقدمة العلامة جولدسيهر الفرنسية لكتاب (محمد بن تومرت) Mohamed ibn Toumert et la Théologie de l'Islam dans le Maghreb au XI eme Siècle, p. ٢١,٢٢ & ٤٠
(٣) جولدسيهر في مقدمته الفرنسية السالفة الذكر ص ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>