للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي حفص عمر الهنتاني، وتولى رياسة البيت المالك السيد أبو الحسن وأخوه السيد أبو زيد، ابنا السيد أبي حفص عم الخليفة الراحل، وذلك كله، وفقاً لوصية المنصور في مرض موته حسبما أشرنا إليه من قبل.

وأقام الخليفة الجديد عقب ولايته بحضرة مراكش بضعة أسابيع، حتى آخر شهر ربيع الثاني من سنة ٥٩٥ هـ، وتمت البيعة خلال ذلك في سائر النواحي، ووصلت إلى الحضرة، وخرجت البركات للموحدين والأجناد كالعادة، وقدم الشعراء تهانيهم بتجديد البيعة. ثم غادر الخليفة مراكش في أول شهر جمادى الأولى، وقصد إلى مدينة فاس، فأقام بها حتى نهاية هذا العام. وعنى الخليفة خلال ذلك بتصريف الشئون، بمعاونة وزيره عبد الرحمن بن يوجان، وكان في مقدمة المراسم الجديدة، أن عين الخليفة السيد الحسن بن السيد أبي حفص والياً لبجاية وأعمالها، وأمده بالرجال والأموال ليستطيع مواجهة الحوادث في تلك المنطقة المضطرمة، وعين أخاه السيد أبا محمد عبد الله بن المنصور والياً على إشبيلية مكان أخيه السيد أبي زيد (١).

وكانت الأحوال في إفريقية قد ساءت في أواخر عهد المنصور، ولا سيما حين شغل بأمر الجهاد في الأندلس، ولم تسعفه الظروف حين عودته بعد ذلك إلى المغرب، ليعنى بالنظر في شئون إفريقية، وتدارك ما دهمها من الحوادث، حيث فاجأه المرض وتوفي. فكان على ولده الخليفة الفتى محمد الناصر، أن يواجه هذه الظروف، وأن يقوم بتداركها.

- ١ -

وقد وصلنا فيما تقدم من سرد حوادث إفريقية، إلى ظفر يحيى بن إسحاق ابن غانية الميورقي، بخصمه شرف الدين قراقوش، وفراره إلى الجبال، وانتزاع طرابلس من يد نائبه. ولما تم ليحيى ما تقدم سار إلى قابس، وكان نائب قراقوش قد غادرها على أثر هزيمة سيده، ووجه إليها الشيخ أبو سعيد بن أبي حفص والي تونس، حافظاً من الموحدين يسمى ابن تفراجين. فقصد إليها يحيى بقواته ووجه إلى أهلها كتاباً ينذرهم فيه بالتسليم، ويحذرهم من المخالفة، ويحدد لهم ثلاثة أيام لإجابة مطلبه، فلما انتهى هذا الأجل دون أية إجابة، زحف


(١) البيان المغرب - القسم الثالث ص ٢١٢ و ٢١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>