للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للدفاع، وذلك في ١٨ أكتوبر سنة ١٢١٧ م (١٤ رجب ٦١٤ هـ)، بعد شهرين ونصف من بدء الحصار. وسلم قائد الثغر، وهو عبد الله بن وزير، نفسه للنصارى، وتظاهر باعتناق النصرانية طلباً للسلامة، ولكن لم تمض أيام قلائل حتى استطاع الفرار، والوصول إلى الأراضي الإسلامية. ولجأ فيما بعد إلى مدينة إشبيلية. ودخل النصارى على مدينة القصر أو قصر أبي دانس، وقتلوا كل من كان بها، وبالضياع المجاورة، من المسلمين. وفتح سقوط هذا الثغر المنيع، الطريق إلى زحف البرتغاليين وحلفائهم الصليبيين نحو الجنوب، نحو باجة وميرتلة وشلب. ولكن ملك البرتغال ألفونسو الثاني (ألفنش)، وهو لم يشترك في حصار القصر، آثر أن يتمهل بعض الوقت لتعمير الأراضي المفتوحة. ومن جهة أخرى فإن الصليببيين لم يستطيعوا الزحف إلى الجنوب، بعد أن وصلتهم أوامر البابا قاطعة بأن يستأنفوا سيرهم إلى المشرق (١).

ومن الغريب أن ابن عذارى، وهو في معظم ما يكتبه، يقظ متنبه للأحداث، يقول لنا إنه لم يتحقق خبراً يذكره في سنة أربع عشرة أو خمس عشرة، هذا في حين أن صاحب روض القرطاس، يذكر واقعة سقوط القصر، وتاريخ وقوعها في سنة ٦١٤ هـ، ويصفها بأنها كانت من الهزائم الكبار التي تقرب من هزيمة العقاب. ولم تمض بضعة أعوام على نكبة مدينة القصر، حتى منيت الأندلس بفقد قاعدة أخرى من حصونها الأمامية المنيعة هي قاصرش (٢). وكان ألفونسو التاسع ملك ليون غير مرتبط مع الموحدين برباط التهادن والسلم، وكان يطمح إلى الاستيلاء على قاصرش، الواقعة شمالي ماردة وغربي تَرجالُه، وذلك لكي يضمن سلامة حصن القنطرة الواقع على نهر التّاجُه في شمالها الغربي، والذى كان مركز جمعية فرسان القنطرة، فسار إليها في شهر نوفمبر سنة ١٢١٨ م (٦١٦ هـ) وضرب حولها الحصار، ولكن حاميتها الإسلامية صمدت، واضطر أن يرفع الحصار عند حلول الميلاد، وفي سنة ١٢٢١ م (٦١٩ هـ) استولى فرسان القنطرة على قاعدة " بلنسية " (٣) الإسلامية. وفي العام التالي، اشترك فرسان شنت ياقب


(١) راجع في سقوط حصن القصر، روض القرطاس ص ١٦١، والروض المعطار ص ١٦١ و ١٦٢ وكذلك: A. Huici: Historia Politica del Imperio Almohade, p. ٤٤٢ & ٤٤٣
(٢) وهي بالإسبانية Caceres
(٣) هي المعروفة ببلنسية القنطرة الواقعة غربي قاصرش، وهي طبعاً غير ثغر بلنسية الكبير، في الشرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>