للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القادم " وهو حسبما يصفه ابن الأبار في الديباجة " اقتضاب من بارع الأشعار" وفيه يورد ابن الأبار تراجم بعض الشعراء الأندلسيين والغرباء، ومختارات من أشعارهم (١). وذكر لنا ابن الأبار في الحلة أن له مؤلفا آخر عنوانه " إيماض البرق في أدباء الشرق " (٢).

وبعد فهذه لمحة في التعريف بابن الأبار وتراثه، حسبما وسع هذا المقام المحدود. وقد خلدت لنا آثار ابن الأبار صوراً حية من محنة الأندلس، وعوامل انهيارها، لم يستطع كاتب آخر من معاصريه، أن يقدم إلينا شيئاً يدانيها. ومازالت هذه الآثار حتى يومنا، أهم وأوثق مصادرنا عن تلك الفترة المشجية من التاريخ الأندلسي (٣).

ومن الأدباء المؤرخين الذين نبغوا في تلك الفترة، علي بن موسى بن سعيد الأندلسي، المعروف بابن سعيد المغربى، وأصله من سادة قلعة يحصب من أعمال شمالي غرناطة، وهو أديب ورحالة وسليل أسرة من الأدباء والمؤرخين، تعاقب منها قبله خمسة في مدى قرن، على تصنيف مؤلف ضخم في فضائل مدن الأندلس والمغرب والمشرق، بضم كتابين كبيرين هما " كتاب المشرق في حلى المشرق "، وكتاب " المغرب في حلى المغرب " وأتمه علي بن موسى آخر من نبغ من هذه الأسرة. وقد ولد بغرناطة سنة ٦١٠ هـ، وتجول بقواعد الأندلس، والمغرب والمشرق، وتوفي بدمشق سنة ٦٧٣ هـ، ومؤلفه أثر أدبى كبير، تاريخى جغرافي، بارع الأسلوب. وله كتب أخرى منها " المرقص والمطرب " و " ملوك الشعر "، و " الطالع السعيد في تاريخ بني سعيد "، و " لذة الأحلام في تاريخ أمم الأعجام "، و " نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب "، وغيرها (٤).

ومن المؤرخين المغاربة في العصر الموحدي، أحمد بن يوسف بن أحمد ابن يوسف بن فُرتون السلمي، من أهل مدينة فاس، واستوطن سبتة، ويعرف


(١) يحفظ هذا المخطوط بمكتبة الإسكوريال برقم ٣٥٦ الغزيرى.
(٢) الحلة السيراء ص ٢٢٢.
(٣) راجع ترجمة ابن الأبار في فوات الوفيات ج ٢ ص ٢٢٦ - ٢٢٧، ونفح الطيب ج ٢ ص ٥٧٨ - ٥٨٠، وعنوان الدراية ص ١٨٣ - ١٨٦، والزركشى في تاريخ الدولتين ص ٢٧.
وراجع أيضاً في ترجمة ابن الأبار وتعداد آثاره Pons Boigues ; ibid , p. ٢٩١-٢٩٦.
(٤) ترجمته في فوات الوفيات ج ٢ ص ٨٩ - ٩١ وكذلك في: Pons Boigues ; p. ٣٠٦

<<  <  ج: ص:  >  >>