للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بني أمية، ودعا لنفسه بالخلافة، سار في عصبة الأمويين والموالى إلى غرناطة، لانتزاعها واتخاذها دار ملكه، فرده عنها صاحبها زاوى الصنهاجى في موقعة دموية (٤٠٨ هـ). واستقر زاوى في حكم غرناطة وأعمالها بضعة أعوام، ثم غادرها إلى دار قومه في تونس، واستخلف عليها ابن أخيه حبوس بن ماكسن، فحكمها حتى توفى في سنة ٤٢٩ هـ. وخلفه في ولايتها ولده باديس وتلقب بالمظفر، واستولى على مالقة من يد الأدارسة (بني حمُّود)، واتسع ملكه، ولبث طول حكمه الذي استطال حتى سنة ٤٦٧ هـ، في قتال مستمر مع بني عباد أمراء إشبيلية، أعظم وأقوى ملوك الطوائف يومئذ. ولما توفى باديس المظفر، خلفه في حكم غرناطة وأعمالها، حفيده عبد الله بن بُلُكِّين بن باديس، واستمر في حكمها إلى أن عبر المرابطون البحر إلى الأندلس في سنة ٤٨٣ هـ، بقيادة عاهلهم يوسف بن تاشفين، واستولوا عندئذ على غرناطة، كما استولوا على قواعد الأندلس الأخرى، وانتهت بذلك دول الطوائف، التي قامت على أنقاض الخلافة الأموية، وعاشت زهاء ستين عاماً.

واستمر المرابطون في حكم الأندلس وقواعدها، زهاء ستين عاماً أخرى؛ وتعاقب في حكم غرناطة عدة من أمراء اللمتونيين (١) وسادتهم، من قرابة يوسف بن تاشفين. فلما انهارت دولتهم في المغرب، جاز الموحدون المتغلبون على دولتهم إلى الأندلس في سنة ٥٤١ هـ (١١٤٧ م)، وأخذوا يستولون تباعاً على القواعد والثغور، واستولوا أولا على قواعد المغرب، شلب وميرتلة وباجة، ثم استولوا على إشبيلية في أواخر سنة ٥٤١ هـ، فقرطبة في سنة ٥٤٣ هـ، واعتصم المرابطون بغرناطة بضعة أعوام أخرى، ثم اضطروا أخيراً إلى تسليمها إلى الموحدين وذلك في سنة ٥٥١ هـ (١١٥٦ م).

ولبثت غرناطة كباقى القواعد الأندلسية في أيدى الموحدين، يتناوب حكمها الأمراء والسادة من بني عبد المؤمن وقرابته، حتى كانت ثورة أبي عبد الله محمد ابن يوسف بن هود سليل بني هود أمراء سرقسطة السابقين، على الموحدين، وانتزاعه معظم قواعد الأندلس من أيديهم.

وذلك أنه لما توفى أبو يعقوب يوسف المستنصر بالله خليفة الموحدين، في سنة ٦٢٠ هـ دون عقب، أقام الموحدون مكانه السيد أبا محمد عبد الواحد


(١) لمتونة هو اسم القبيلة التي ينتمى إليها المرابطون، ولذا يسمون أحياناً باللمتونيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>