للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثة أيام حتى قتل بباب قصره غيلة، وكان قاتله ابن عمه محمد بن إسماعيل صاحب الجزيرة، وقد حقد عليه لأنه انتزع منه جارية رائعة الحسن، ظفر بها فى موقعة مرتش، وبعث بها إلى حريمه بالقصر. ولما عاتبه محمد رده بجفاء وأنذره بمغادرة البلاط، فتربص به وطعنه بخنجره وهو بين وزرائه وحشمه، فحمل جريحاً حيث توفى على الأثر، وكان مصرعه فى السادس والعشرين من رجب سنة ٧٢٥ هـ (يونيه سنة ١٣٢٥ م).

وكان السلطان إسماعيل يتمتع بخلال باهرة، وكان يشتد فى إخماد البدع وإقامة الحدود. وفى عهده حرمت المسكرات وطورد الفساد الأخلاقى، وحرم جلوس الفتيات فى ولائم الرجال، وعومل اليهود بشىء من الشدة، وألزموا أن يتخذوا لهم شعاراً خاصاً بهم، وهو عبارة عن العمائم الصفراء (١).

فخلفه ولده أبو عبد الله محمد وهو فتى يافع لم يجاوز الحادية عشرة من عمره، وكانت أمه نصرانية تدعى علوة، وأخذ له البيعة وزير أبيه أبو الحسن بن مسعود، وقام بكفالته بضعة أشهر حتى توفى، ثم خلفه فى الوزارة وكيل أبيه محمد بن أحمد ابن المحروق، فاستبد بالأمور واستأثر بكل سلطة؛ فحقد عليه السلطان الفتى وكان رغم حداثته مقداما قوى النفس، ولم يلبث أن بطش بوزيره المتغلب عليه، فقتل بأمره فى المحرم سنة ٧٢٩ هـ.

وكان من أوائل أعماله تجديد معاهدة الصداقة مع أراجون، وكان ملكها خايمى الثانى قد أوفد إليه سفيره يطلب إليه تجديد معاهدة الصلح والصداقة التى عقدت بينه وبين أبيه، وانقضى أجلها المحدد بانقضاء أعوامها الخمسة، فوافق السلطان على تجديدها بسائر نصوصها وشروطها، ووقعت المعاهدة الجديدة فى جمادى الثانية سنة ٧٢٦ هـ (مايو سنة ١٣٢٦ م) (٢).

ولأول عهده نشب الخلاف بينه وبين شيوخ الغزاة المغاربة، وعلى رأسهم عثمان بن أبى العلاء، وامتنعوا ببعض الثغور الجنوبية ولاسيما ألمرية، وانضم إليهم عم السلطان، محمد بن فرج بن إسماعيل، فقاموا بدعوته، ونشبت بين الفريقين عدة مواقع محلية، كان النصر فيها سجالا بينهما. وانتهز القشتاليون كعادتهم تلك


(١) الإحاطة ج ١ ص ٣٩٥ - ٤١٠؛ واللمحة البدرية ص ٧١ - ٧٤.
(٢) Archivo de la Corona de Aragon, No. ١٤٨

<<  <  ج: ص:  >  >>