للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينفوا إلى المغرب، وأما الأطفال فيؤخذوا ويربوا فى المعاهد الدينية، وهو مشروع أقره مجلس الدولة، وأخذ يعمل سراً لحشد القوى اللازمة لحصر عدد الموريسكيين فى اسبانيا.

وفى سنة ١٦٠١ قدم المطران ربيرا إلى الملك، تقريراً يقول فيه إن الدين هو دعامة المملكة الإسبانية، "وإن الموريسكيين لا يعترفون، ولا يتقبلون البركة ولا الواجبات الدينية الأخيرة، ولا يأكلون لحم الخنزير، ولا يشربون النبيذ، ولا يعملون شيئاً من الأمور التى يعملها النصارى " ثم يوضح الأسباب التى تدعو إلى عدم الثقة فى ولائهم بقوله: "إن هذا المروق العام لا يرجع إلى مسألة العقيدة، ولكنه يرجع إلى العزم الراسخ فى أن يبقوا مسلمين، كما كان آباؤهم وأجدادهم، ويعرف المحققون العامون أن الموريسكيين بعد أن يعتقلوا عامين وثلاثة وتشرح لهم العقيدة فى كل مناسبة، يخرجون دون أن يعرفوا كلمة منها. والخلاصة أنهم لا يعرفون العقيدة، لأنهم لا يريدون معرفتها، ولأنهم لا يريدون أن يعملوا شيئاً يجعلهم يبدون نصارى" (١)، ثم يقول المطران فى تقرير آخر، إن الموريسكيين كفرة متعنتون يستحقون القتل، وإن كل وسيلة للرفق بهم قد فشلت، وإن اسبانيا تتعرض من جراء وجودهم فيها، إلى أخطار كثيرة، وتتكبد فى رقابتهم، والسهر على حركاتهم، وإخماد ثوراتهم، كثيراً من الرجال والمال. ثم يقترح أن تؤلف محكمة سرية من الأحبار، تقضى بردة الموريسكيين وخيانتهم، ثم تحكم علناً بوجوب نفيهم ومصادرة أملاكهم، وأنه لا ضير على الملك فى ذلك ولا حرج، ولكن مشروع المطران لم ينفذ، لأن مجلس الدولة كان يرى أن يسير فى تحقيق غاياته سراً، وألا تصطبغ إجراءاته فى ذلك بالصبغة الدينية.

ومضت بضعة أعوام أخرى، والفكرة تبحث وتختمر وتتوطد، حتى كانت حوادث المغرب فى أواخر سنة ١٦٠٧، وما نسب للموريسكيين من صلة بمولاى زيدان ومشاريعه لغزو اسبانيا، وعزمهم على الثورة. عندئذ بادر مجلس الدولة بالاجتماع فى أواخر يناير سنة ١٦٠٨، واستعرضت جميع الآراء والمشاريع السابقة، وبحثت جميع الاقتراحات؛ وكرر المطران ربيرا اقتراحه بوجوب نفى الموريسكيين إلى المغرب، وقال بأن النفى أرفق ما يمكن عمله، وأيد رأيه معظم الأعضاء الآخرين وذكروا أن نفى الموريسكيين أصبح ضرورة لا مفر منها، لأنهم يتكاثرون بسرعة،


(١) P. Longas: Vida Religiosa de los Moriscos ; p. LXVIII

<<  <  ج: ص:  >  >>